فهرس الكتاب
الصفحة 75 من 112

[78] السلام «الايمان أن تؤمن بالله» الحديث. أى تصدق وليس حقيقة التصديق أن يقع فى القلب نسبة الصدق الى الخبر أو المخبر عن غير اذعان وقبول، بل هو اذعان وقبول لذلك، بحيث يقع عليه اسم التسليم. على ما صرح به الامام الغزالى.

وبالجملة: هو المعنى الّذي يعبر عنه بالفارسية بگرويدن.

وهو معنى التصديق المقابل للتصور، حيث يقال فى أوائل علم الميزان:

العلم اما تصور واما تصديق. صرح بذلك رئيسهم «ابن سينا» ولو حصل هذا المعنى لبعض الكفار، كان اطلاق اسم الكافر عليه من جهة أن عليه شيئا من أمارات التكذيب والانكار، كما اذا فرضنا ان أحدا صدق بجميع ما جاء به النبي عليه السلام وسلمه وأقر به وعمل. ومع ذلك شد الزنار بالاختيار، أو سجد للصنم بالاختيار، نجعله كافرا، لما أن النبي عليه السلام جعل ذلك علامة التكذيب والانكار. وتحقيق هذا المقام: على ما ذكرت، يسهل لك الطريق الى حل كثير من الاشكالات المورودة فى مسألة الايمان. واذا عرفت حقيقة معنى التصديق، فاعلم أن الايمان فى الشرع (هو التصديق بما جاء به من عند الله تعالى) أى تصديق النبي عليه السلام بالقلب فى جميع ما علم بالضرورة مجيئه به من عند الله تعالى اجمالا، وأنه كاف فى الخروج عن عهدة الايمان. ولا تنحط درجته عن الايمان التفصيلى، فالمشرك المصدق بوجود الصانع وصفاته لا يكون مؤمنا، الا بحسب اللغة دون الشرع، لاخلاله بالتوحيد.

وإليه الاشارة بقوله تعالى: «وما يُؤْمِنُ أكْثرُهُمْ بِاللهِ إِلّا وهُمْ مُشْرِكُون» [1] (والاقرار به) أى باللسان الا أن التصديق ركن لا يحتمل السقوط أصلا، والاقرار قد يحتمله كما فى حالة الاكراه.

فان قيل قد لا يبقى التصديق كما فى حالة النوم والغفلة.

قلنا: التصديق باق فى القلب والذهول انما هو عن حصوله. ولو سلم فالشارع جعل المحقق الّذي لم يطرأ عليه ما يضاده فى حكم الباقى، حتى كان المؤمن اسما لمن آمن فى الحال أو فى الماضى، ولم يطرأ عليه ما هو علامة التكذيب. هذا الّذي ذكره من أن

(1) يوسف 106

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام