فهرس الكتاب
الصفحة 73 من 112

[76] عداه، حتى يرد عليه أنه انما يقوم حجة على من يقول بمفهوم المخالفة.

وقوله عليه السلام: «شفاعتى لأهل الكبائر من أمتى» وهو مشهور، بل الأحاديث فى باب لشفاعة متواترة المعنى.

واحتجت المعتزلة بمثل قوله تعالى: «واتّقُوا يوْماً لا تجْزِي نفْسٌ عنْ نفْسٍ شيْئاً، ولا يُقْبلُ مِنْها شفاعةٌ» [1] وقوله تعالى:

«ما لِلظّالِمِين مِنْ حمِيمٍ ولا شفِيعٍ يُطاعُ» [2] والجواب بعد تسليم دلالتها على العموم فى الأشخاص والازمان والأحوال أنه: يجب تخصيصها بالكفار، جمعا بين الادلة. ولما كان أصل العفو والشفاعة ثابتا بالأدلة القطعية من الكتاب والسنة والاجماع، قالت المعتزلة بالعفو عن الصغائر مطلقا، وعن الكبائر بعد التوبة، وبالشفاعة لزيادة الثواب. كلاهما فاسد.

أما الأول: فلأن التائب ومرتكب الصغيرة المجتنب عن الكبيرة، لا يستحقان العذاب عندهم، فلا معنى للعفو.

وأما الثانى: فلأن النصوص الدالة على الشفاعة، بمعنى طلب العفو عن الجناية (وأهل الكبائر من المؤمنين لا يخلدون فى النار) وان ماتوا من غير توبة لقوله تعالى: «فمنْ يعْملْ مِثْقال ذرّةٍ خيْراً يرهُ» [3] ونفس الايمان عمل خير، لا يمكن أن يرى جزاءه، قبل دخول النار، ثم يدخل النار فيخلد [4] ، لأنه باطل بالاجماع. فتعين الخروج من النار. ولقوله تعالى: «وعد اللهُ الْمُؤْمِنِين والْمُؤْمِناتِ، جنّاتٍ تجْرِي مِنْ تحْتِها الْأنْهارُ» [5] ولقوله تعالى: «إِنّ الّذِين آمنُوا وعمِلُوا الصّالِحاتِ كانتْ لهُمْ جنّاتُ الْفِرْدوْسِ نُزُلًا» [6] الى غير ذلك من النصوص الدالة على كون المؤمن من أهل الجنة، مع ما سبق من الأدلة القاطعة على أن العبد لا يخرج بالمعصية عن الايمان.

وأيضا: الخلود فى النار من أعظم العقوبات. وقد جعل جزاء

(1) البقرة 48

(2) غافر 18

(3) الزلزلة 7

(4) فيخلد: ط.

(5) التوبة 72

(6) الكهف 107

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام