فهرس الكتاب
الصفحة 58 من 112

[61] الاستطاعة قبل الفعل [1] ، لا يقولون بامتناع المقارنة الزمانية، وبأن حدوث كل فعل يجب أن يكون بقدرة سابقة عليه بالزمان البتة، حتى يمتنع حدوث الفعل، فى زمان حدوث القدرة مقرونة بجميع الشرائط.

ولأنه يجوز أن يمتنع الفعل فى الحالة الأولى لانتفاء شرط أو وجود مانع، ويجب فى الثانية لتمام الشرائط، مع أن القدرة التى هى صفة القادر فى الحالتين على السواء.

ومن هاهنا ذهب بعضهم الى أنه ان أريد بالاستطاعة القدرة المستجمعة لجميع شرائط التأثير، فالحق أنها مع الفعل والا فقبله.

وأما امتناع بقاء الأعراض، فبنى على مقدمات صعبة البيان: وهى أن بقاء الشيء أمر [2] محقق زائد عليه، وأنه يمتنع قيام العرض بالعرض، وأنه يمتنع قيامهما معا بالمحل.

ولما استدل القائلون بكون الاستطاعة قبل الفعل: بأن التكليف حاصل قبل الفعل، ضرورة أن الكافر مكلف بالايمان، وتارك الصلاة مكلف بها بعد دخول الوقت، فلو لم تكن الاستطاعة متحققة حينئذ، لزم تكليف العاجز. وهو باطل: أشار الى الجواب بقوله: (ويقع هذا الاسم) يعنى لفظ الاستطاعة (على سلامة الأسباب والآلات والجوارح) كما فى قوله تعالى: «ولِلّهِ على النّاسِ حِجُّ الْبيْتِ منِ اسْتطاع إِليْهِ سبِيلًا» [3] .

فان قيل: الاستطاعة صفة المكلف، وسلامة الأسباب والآلات ليست صفة له. فكيف يصح تفسيرها بها؟ قلنا: المراد سلامة الأسباب [4] والآلات له. والمكلف كما يتصف بالاستطاعة يتصف بذلك، حيث يقال: هو ذو سلامة أسباب الا أنه لتركبه لا يشتق منه اسم فاعل يحمل عليه بخلاف الاستطاعة (وصحة التكليف تعتمد على هذه الاستطاعة) التى هى سلامة الأسباب والآلات لا الاستطاعة بالمعنى الأول. فان أريد بالعجز عدم الاستطاعة بالمعنى الأول، فلا نسلم استحالة تكليف العاجز، وان أريد بالمعنى الثانى، فلا نسلم

(1) فعل العبد: خ قبل الفعل: ط.

(2) أمر: ط.

(3) آل عمران 97.

(4) أسبابه والآلة: خ.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام