[60] الاعتراض. قال الله تعالى: «ولا يرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْر» [1] يعنى أن الإرادة والمشيئة والتقدير يتعلق بالكل والرضا والمحبة. والأمر لا يتعلق الا بالحسن دون القبيح (والاستطاعة مع الفعل) خلافا للمعتزلة (وهى حقيقة القدرة التى يكون بها الفعل) اشارة الى ما ذكره صاحب «التبصرة» من أنها عرض يخلقه الله تعالى فى الحيوان يفعل به الأفعال الاختيارية. وهى علة للفعل. والجمهور على أنها شرط لأداء الفعل لا علة. وبالجملة: هى صفة يخلقها الله تعالى عند قصد اكتساب الفعل بعد سلامة الأسباب والآلات. فان قصد فعل الخير، خلق الله تعالى قدرة فعل الخير، وان قصد فعل الشر، خلق الله تعالى قدرة فعل الشر. فكان هو المضيع لقدرة فعل الخير، فيستحق الذم والعقاب. ولهذا ذم الكافرين بأنهم لا «يسْتطِيعُون السّمْع» [2] واذا كانت الاستطاعة عرضا، وجب أن تكون مقارنة للفعل بالزمان، لا سابقة عليه. والا لزم وقوع الفعل بلا استطاعة وقدرة عليه. لما مر من امتناع بقاء الأعراض.
فان قيل: لو سلم استحالة بقاء الأعراض فلا نزاع فى امكان تجدد الأمثال عقيب الزوال، فمن أين يلزم وقوع الفعل بدون القدرة؟ قلنا: انما ندعى لزوم ذلك، اذا كانت القدرة التى بها الفعل هى القدرة السابقة. وأما اذا جعلتموها المثل المتجدد المقارن فقد اعترفتم بأن القدرة التى بها الفعل لا تكون الا مقارنة له. ثم ان ادعيتم أنه لا بد لها من أمثال سابقة، حتى لا يمكن الفعل بأول ما يحدث من القدرة، فعليكم البيان.
وأما ما يقال: لو فرضنا بقاء القدرة السابقة الى آن الفعل اما بتجدد الأمثال، واما باستقامة بقاء الأعراض، فان قالوا بجواز وجود الفعل بها فى الحالة الأولى، فقد تركوا مذهبهم، حيث جوزوا مقارنة الفعل للقدرة. وان قالوا بامتناعه، لزم التحكم والترجيح بلا مرجح، اذ القدرة بحالها لم تتغير، ولم يحدث فيها معنى [3] ، لاستحالة ذلك على الأعراض. فلم صار الفعل بها فى الحالة الثانية واجبا، وفى الحالة الاولى ممتنعا؟ ففيه نظر. لأن القائلين بكون
(1) الزمر 7.
(2) هود 2.
(3) مغيرا: خ.