[37] للعالم منا علما، هو عرض قائم به، زائد عليه، حادث (فهل لصانع العالم علم، وهو صفة أزلية قائمة به زائدة عليه) [1] وكذا جميع الصفات؟ فأنكره الفلاسفة والمعتزلة. وزعموا أن صفاته عين ذاته، بمعنى أن ذاته تسمى باعتبار التعلق بالمعلومات عالما، وبالمقدورات قادرا الى غير ذلك. فلا يلزم تكثر فى الذات ولا تعدد فى القدماء والواجبات. والجواب: ما سبق من أن المستحيل تعدد الذوات القديمة. وهو غير لازم. ويلزمكم كون العلم مثلا قدرة وحياة وعالما وحيا وقادرا وصانعا للعالم ومعبودا للخلق.
وكون الواجب غير قائم بذاته. الى غير ذلك من المحالات (أزلية) لا كما تزعم الكرامية، من أن له صفات لكنها حادثة لاستحالة قيام الحوادث بذاته تعالى (قائمة بذاته) ضرورة أنه لا معنى لصفة الشيء الا ما يقوم به لا كما تزعم المعتزلة، من أنه متكلم بكلام هو قائم بغيره، لكن مرادهم نفى كون الكلام صفة له لا اثبات كونه صفة له غير قائم بذاته.
ولما تمسكت المعتزلة بأن فى اثبات الصفات [2] ابطال التوحيد، لما أنها موجودات قديمة مغايرة لذات الله تعالى، فيلزم قدم غير الله تعالى، وتعدد القدماء، بل تعدد الواجب لذاته، على ما وقعت الاشارة إليه فى كلام المتقدمين، والتصريح به فى كلام المتأخرين من أن واجب الوجود بالذات هو الله تعالى وصفاته.
وقد كفرت النصارى باثبات ثلاثة من القدماء، فما بال الثمانية أو أكثر: أشار الى جوابه بقوله (وهى لا هو ولا غيره) يعنى: أن صفات الله تعالى ليست عين الذات ولا غير الذات، فلا يلزم قدم الغير ولا تكثر القدماء.
والنصارى وان لم يصرحوا بالقدماء المتغايرة، لكن لزمهم ذلك لأنهم أثبتوا الأقانيم الثلاثة التى هى الوجود والعلم والحياة، وسموها الأب والابن وروح القدس. وزعموا: أن أقنوم العلم قد انتقل الى بدن عيسى عليه السلام فجوزوا الانفكاك عن المحل [3] والانتقال، فكانت الأقانيم [4] ذواتا متغايرة. ولقائل أن يمنع توقف
(1) ما بين القوسين من ط.
(2) يقصد اثبات صفات زائدة على الذات
(3) عن المحل: خ.
(4) الاقانيم: ط.