فهرس الكتاب
الصفحة 32 من 112

[35] فيتحيز، فيكون جسما أو جزء جسم، مصورا، متناهيا. والجواب عنه: ان ذلك وهم محض، وحكم على غير المحسوس بأحكام المحسوس. والأدلة القطعية قائمة على التنزيهات، فيجب أن يفوض علم النصوص الى الله تعالى، على ما هو دأب السلف، ايثارا للطريق الأسلم، أو تؤول بتأويلات صحيحة على ما اختاره المتأخرون، دفعا لمطاعن الجاهلين، وجدنا لطبع [1] القاصرين، سلوكا للسبيل الأحكم (ولا يشبهه شيء) أى لا يماثله. أما اذا أريد بالمماثلة الاتحاد فى الحقيقة فظاهر (أنه ليس كذلك) [2] وأما اذا أريد بها كون الشيئين بحيث يسد أحدهما مسد الآخر، أى يصلح كل لما يصلح له الآخر، فلأن شيئا من الموجودات لا يسد مسده فى شيء من الأوصاف، فان أوصافه من العلم والقدرة وغير ذلك، أجل وأعلى مما فى المخلوقات، بحيث لا مناسبة بينهما.

قال فى البداية: «ان العلم منا [3] موجود وعرض ومحدث وجائز الوجود ومتجدد فى كل زمان، فلو أثبتنا العلم صفة لله تعالى [4] لكان الله موجودا وصفة وقديما وواجب الوجود، ودائما من الأزل الى الأبد، فلا يماثله [5] وعلم الخلق بوجه من الوجوه» .

هذا كلامه.

فقد صرح بأن المماثلة عندنا انما تثبت بالاشتراك فى جميع الأوصاف، حتى لو اختلفا فى وصف واحد انتفت المماثلة.

قال الشيخ أبو المعين فى التبصرة: «انا نجد أهل اللغة لا يمتنعون من القول بأن «زيدا» مثل «عمرو» فى الفقه، اذا كان يساويه فيه، ويسد مسده فى ذلك الباب. وان كان بينهما مخالفة بوجوه كثيرة. وما يقوله الأشعرية من أنه لا مماثلة الا بالمساواة من جميع الوجوه، فاسد. لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الحنطة بالحنطة، مثلا بمثل» . وأراد:

الاستواء [6] فى الكيل، لا غير، وان تفاوت الوزن وعدد الحبات والصلابة والرخاوة. والظاهر: أنه لا مخالفة. لأن مراد

(1) يصنع: خ.

(2) سقط: خ.

(3) هنا: ط.

(4) لله تعالى: خ.

(5) يماثل علم الخلق: خ.

(6) الاستواء به: ط.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام