[24] من جزءين فصاعدا عندنا (وهو الجسم) وعند البعض لا بد من ثلاثة أجزاء لتتحقق الأبعاد الثلاثة. أعنى الطول والعرض والعمق.
وعند البعض من ثمانية أجزاء [1] ، ليتحقق تقاطع الأبعاد على زوايا قائمة. وليس هذا نزاعا لفظيا راجعا الى الاصطلاح، حتى يدفع بأن لكل أحد، أن يصطلح على ما يشاء، بل هو نزاع فى ان المعنى الّذي وضع لفظ الجسم بإزائه. هل يكفى فيه التركيب من جزءين أم لا؟
احتج الأولون بأنه يقال لأحد الجسمين اذا زيد عليه جزء واحد: انه أجسم من الآخر، فلولا أن مجرد التركيب كاف فى الجسمية، لما صار بمجرد زيادة الجزء، أزيد فى الجسمية.
وفيه نظر. لأن أفعل من الجسامة بمعنى الضخامة، وعظم المقدار.
يقال: جسم الشيء أى عظم فهو جسيم. وجسام بالضم والكلام فى الجسم الّذي هو اسم لا صفة (أو غير مركب كالجوهر) يعنى العين الّذي لا يقبل الانقسام لا فعلا ولا وهما ولا فرضا (وهو الجزء الّذي لا يتجزأ) ولم يقل: وهو الجوهر: احترازا عن ورود المنع.
فان ما لا يتركب لا ينحصر عقلا فى الجوهر، بمعنى الجزء الّذي لا يتجزأ، بل لا بد من ابطال الهيولى والصورة والعقول والنفوس المجردة ليتم ذلك وعند الفلاسفة لا وجود للجوهر الفرد، أعنى الجوهر الّذي لا يتجزأ. وتركب الجسم انما هو من الهيولى والصورة.
وأقوى أدلة اثبات الجزء: أنه لو وضع كرة حقيقية على سطح حقيقى، لم تماسه الا بجزء غير منقسم. اذ لو ماسته بجزءين، لكان فيهما خط بالفعل، فلم تكن كرة حقيقية على سطح حقيقى [2] وأشهرها عند المشايخ: وجهان: الأول: انه لو كان كل عين منقسما لا الى نهاية، لم تكن الخردلة أصغر من الجبل. لأن كلا منهما غير متناهى الأجزاء، والعظم والصغر انما هو بكثرة الأجزاء وقلتها.
وذلك انما يتصور فى المتناهى. الثانى: ان اجتماع أجزاء الجسم ليس لذاته، والا لما قبل الافتراق. فالله تعالى قادر على [3] أن يخلق
(1) أجزاء: ط.
(2) حقيققى: ط.
(3) على: ط.