فهرس الكتاب
الصفحة 13 من 112

[16] قلنا: هذا على عادة المشايخ فى الاقتصار على المقاصد والأعراض عن تدقيقات الفلاسفة فانهم لما وجدوا بعض الادراكات حاصلة عقيب الاستعمال للحواس الظاهرة، التى لا يتمسك فيها سواء كانت من ذوى [1] العقول أو غيرهم، جعلوا الحواس أحد الأسباب. ولما كان معظم المعلومات الدينية مستفادا من الخبر الصادق، جعلوه سببا آخر. ولما لم يثبت عندهم الحواس الباطنة المسماة بالحس المشترك والوهم وغير ذلك. ولم يتعلق لهم غرض بتفاصيل الحدسيات والتجربيات والبديهيات والنظريات، وكان مرجع الكل الى العقل: جعلوه سببا ثالثا، يفضى الى العلم، بمجرد التفات أو بانضمام حدس أو تجربة أو ترتيب مقدمات.

فجعلوا السبب فى العلم بأن لنا جوعا وعطشا، وأن الكل أعظم من الجزء، وأن نور القمر مستفاد من الشمس، وأن «السقمونيا» مسهل، وأن العالم حادث: هو العقل. وان كان فى البعض باستعانة من الحس.

(فالحواس) جمع حاسة، بمعنى القوة الحساسة (خمس) بمعنى: أن العقل حاكم بالضرورة بوجودها. وأما الحواس الباطنة التى تثبتها الفلاسفة فلا تتم دلائلها على الأصول الاسلامية (السمع) وهو قوة مودعة فى العصب المفروش فى مقعر الصماخ يدرك بها الأصوات بطريق وصول الهواء المتكيف بكيفية الصوت الى الصماخ، بمعنى أن الله تعالى يخلق الادراك فى النفس عند ذلك.

(والبصر) وهو قوة مودعة فى العصبتين المجوفتين اللتين تتلاقيان فى الدماغ [2] ، ثم تفترقان، فيتباديان الى العينين يدرك بها الأضواء والألوان والاشكال والمقادير والحركات، والحسن والقبح وغير ذلك مما يخلق الله تعالى ادراكها فى النفس، عند استعمال العبد تلك القوة (والشم) وهى قوة مودعة فى الزائدتين الناتئتين من مقدم الدماغ الشبيهتين بحلمتى الثدى، يدرك بها الروائح بطريق وصول

(1) اللغة الصحيحة أن تأتى همزة التوبة بعد سواء دائما مثل قوله تعالى:

«سواءٌ عليْهِمْ أأنْذرْتهُمْ» ؟

(2) الدماغ: سقط خ.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام