الثالث هو وحده الذي يلبي ضرورات الفطرة الواقعية،ويلبي منهج الإسلام الخلقي،ويحتفظ للزوجة الأولى برعاية الزوجية،ويحقق رغبة الزوجين في الإبقاء على عشرتهما وعلى ذكرياتهما،وييسر على الإنسان الخطو الصاعد في رفق ويسر وواقعية.
وشيء كهذا يقع في حالة عقم الزوجة،مع رغبة الزوج الفطرية في النسل.حيث يكون أمامه طريقان لا ثالث لهما:
1 -أن يطلقها ليستبدل بها زوجة أخرى تلبي رغبة الإنسان الفطرية في النسل.
2 -أو أن يتزوج بأخرى،ويبقي على عشرته مع الزوجة الأولى.
وقد يهذر قوم من المتحذلقين - ومن المتحذلقات - بإيثار الطريق الأول.ولكنّ تسعا وتسعين زوجة - على الأقل - من كل مائة سيتوجهن باللعنة إلى من يشير على الزوج بهذا الطريق! الطريق الذي يحطم عليهن بيوتهن بلا عوض منظور - فقلما تجد العقيم وقد تبين عقمها راغبا في الزواج - وكثيرا ما تجد الزوجة العاقر أنسا واسترواحا في الأطفال الصغار،تجيء بهم الزوجة الأخرى من زوجها،فيملأون عليهم الدار حركة وبهجة أيا كان ابتئاسها لحرمانها الخاص.
وهكذا حيثما ذهبنا نتأمل الحياة الواقعية بملابساتها العملية،التي لا تصغي للحذلقة،ولا تستجيب للهذر،ولا تستروح للهزل السخيف والتميع المنحل في مواضع الجد الصارم..وجدنا مظاهر الحكمة العلوية،في سن هذه الرخصة،مقيدة بذلك القيد:
«فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ - مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ - فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً» فالرخصة تلبي واقع الفطرة،وواقع الحياة وتحمي المجتمع من الجنوح - تحت ضغط الضرورات الفطرية والواقعية المتنوعة - إلى الانحلال أو الملال..والقيد يحمي الحياة الزوجية من الفوضى والاختلال،ويحمي الزوجة من الجور والظلم ويحمي كرامة المرأة أن تتعرض للمهانة بدون ضرورة ملجئة واحتياط كامل.ويضمن العدل الذي تحتمل معه الضرورة ومقتضياتها المريرة.