اللهِ،فَارِسُكَ وَصَاحِبُكَ،فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:وَاللَّهِ،إِنِّي رَسُولُ اللهِ،وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي فَأَشْفَقَ النَّاسُ عَلَى عُثْمَانَ،فَلَمَّا مَاتَتْ زَيْنَبُ ابْنَةُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ،قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:الْحَقِي بِسَلَفِنَا الْخَيْرِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ،فَبَكَتِ النِّسَاءُ،فَجَعَلَ عُمَرُ يَضْرِبُهُنَّ بِسَوْطِهِ،فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدِهِ،وَقَالَ:مَهْلاً يَا عُمَرُ،ثُمَّ قَالَ:ابْكِينَ،وَإِيَّاكُنَّ وَنَعِيقَ الشَّيْطَانِ،ثُمَّ قَالَ:إِنَّهُ مَهْمَا كَانَ مِنَ العَيْنِ وَالْقَلْبِ،فَمِنَ اللهِ،وَمِنَ الرَّحْمَةِ،وَمَا كَانَ مِنَ اليَدِ وَاللِّسَانِ،فَمِنَ الشَّيْطَانِ. [1]
فهم لا ينكرون الأسباب،ولا تأثيرها إذا ثبتت شرعاً أو قدراً،ولا يَدَعُون الأخذ بالأسباب،وفي الوقت نفسه لا يلتفتون إليها.
ولا يرون أن هناك تنافياً بين التوكل على الله والأخذ بالأسباب؛لأن نصوص الشرع حافلة بالأمر بالتوكل على الله،والأخذ بالأسباب المشروعة أو المباحة في مختلف شؤون الحياة،فقد أمرت بالعمل،والسعي في طلب الرزق،والتزود للأسفار،واتخاذ العدد في مواجهة العدو.قال ـ تعالى ـ: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } (10) سورة الجمعة.
وهذا هو التوازن الذي يتسم به المنهج الإسلامي.التوازن بين مقتضيات الحياة في الأرض،من عمل وكد ونشاط وكسب.وبين عزلة الروح فترة عن هذا الجو وانقطاع القلب وتجرده للذكر.وهي ضرورة لحياة القلب لا يصلح بدونها للاتصال والتلقي والنهوض بتكاليف الأمانة الكبرى.وذكر اللّه لا بد منه في أثناء ابتغاء المعاش،والشعور باللّه فيه هو الذي يحول نشاط المعاش إلى عبادة.ولكنه - مع هذا - لا بد من فترة للذكر الخالص،والانقطاع الكامل،والتجرد الممحض.كما توحي هاتان الآيتان.
وكَانَ عَرَّاكُ بْنُ مَالِكٍ،رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ،إِذَا صَلَّى الْجُمُعَةَ انْصَرَفَ،فَوَقَفَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ،فَقَالَ:"اللَّهُمَّ،أَجَبْتُ دَعْوَتَكَ وَصَلَّيْتُ فَرِيضَتَكَ،وَانْتَشَرْتُ كَمَا أَمَرْتَنِي فَارْزُقْنِي"
(1) - مسند أحمد (عالم الكتب) - (1 / 631) (2127) حسن