فهرس الكتاب
الصفحة 93 من 240

بمعنى إقامة هذه العقيدة بحقيقتها الكاملة في الأرض.فهذه العقيدة لا يتم تمامها إلا بأن تهيمن على حياة الجماعة البشرية وتصرفها جميعا.من القلب المفرد إلى الدولة الحاكمة.فشاء اللّه أن ينتصر صاحب هذه العقيدة في حياته،ليحقق هذه العقيدة في صورتها الكاملة،ويترك هذه الحقيقة مقررة في واقعة تاريخية محددة مشهودة.

ومن ثم اتصلت صورة النصر القريبة بصورة أخرى بعيدة،واتحدت الصورة الظاهرة مع الصورة الحقيقية.

وفق تقدير اللّه وترتيبه.

وهنالك اعتبار آخر تحسن مراعاته كذلك.إن وعد اللّه قائم لرسله وللذين آمنوا.ولا بد أن توجد حقيقة الإيمان في القلوب التي ينطبق هذا الوعد عليها.وحقيقة الإيمان كثيرا ما يتجوز الناس فيها.وهي لا توجد إلا حين يخلو القلب من الشرك في كل صوره وأشكاله.وإن هنالك لأشكالا من الشرك خفية لا يخلص منها القلب إلا حين يتجه للّه وحده،ويتوكل عليه وحده،ويطمئن إلى قضاء اللّه فيه،وقدره عليه،ويحس أن اللّه وحده هو الذي يصرفه فلا خيرة له إلا ما اختار اللّه.ويتلقى هذا بالطمأنينة والثقة والرضى والقبول.وحين يصل إلى هذه الدرجة فلن يقدم بين يدي اللّه،ولن يقترح عليه صورة معينة من صور النصر أو صور الخير.

فسيكل هذا كله للّه.ويلتزم.ويتلقى كل ما يصيبه على أنه الخير..وذلك معنى من معاني النصر..النصر على الذات والشهوات.وهو النصر الداخلي الذي لا يتم نصر خارجي بدونه بحال من الأحوال. [1]

فمن أخذ بتلك العقيدة أعزه الله،ومن تركها خذله الله.

وقد عَلِم ذلك كلُّ من قرأ التاريخ،فمتى حاد المسلمون عن دينهم ـ حاق بهم ما حاق،كما حدث لهم في الأندلس وغيرها. [2]

14-أنها ترفع قدر أهلها:

(1) - فى ظلال القرآن ـ موافقا للمطبوع - (5 / 3085)

(2) - انظر التفاصيل في كتابي (( المفصل في عوامل النصر والهزيمة ) )

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام