فهرس الكتاب
الصفحة 48 من 240

4-فطريةُ العقيدة الإسلامية:

إنَّ العقيدةَ الإسلامية ليست غريبةً عن الفطرةِ السليمة ولا مناقضةً لها،بل هي على وفاقٍ تامٍّ وانسجامٍ كاملٍ معها.وليس هذا بالأمر الغريبِ،إذ إنَّ خالقَ الإنسانِ العليم بحالهِ هو الذي شرعَ له منَ الديِّنِ ما يناسبُ فطرتَهُ التي خلقهُ عليها،كما قال تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} (30) سورة الروم.

هذا التوجيه لإقامة الوجه للدين القيم يجيء في موعده،وفي موضعه،بعد تلك الجولات في ضمير الكون ومشاهده،وفي أغوار النفس وفطرتها..يجيء في أوانه وقد تهيأت القلوب المستقيمة الفطرة لاستقباله كما أن القلوب المنحرفة قد فقدت كل حجة لها وكل دليل،ووقفت مجردة من كل عدة لها وكل سلاح..

وهذا هو السلطان القوي الذي يصدع به القرآن.السلطان الذي لا تقف له القلوب ولا تملك رده النفوس.

«فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً» ..واتجه إليه مستقيما.فهذا الدين هو العاصم من الأهواء المتفرقة التي لا تستند على حق،ولا تستمد من علم،إنما تتبع الشهوات،والنزوات بغير ضابط ولا دليل..أقم وجهك للدين حنيفا مائلا عن كل ما عداه،مستقيما على نهيه دون سواه: « فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ» ..وبهذا يربط بين فطرة النفس البشرية وطبيعة هذا الدين وكلاهما من صنع اللّه وكلاهما موافق لناموس الوجود وكلاهما متناسق مع الآخر في طبيعته واتجاهه.واللّه الذي خلق القلب البشري هو الذي أنزل إليه هذا الدين ليحكمه ويصرفه ويطب له من المرض ويقومه من الانحراف.وهو أعلم بمن خلق وهو اللطيف الخبير.والفطرة ثابتة والدين ثابت: «لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ» .فإذا انحرفت النفوس عن الفطرة لم يردها إليها إلا هذا الدين المتناسق مع الفطرة.فطرة البشر وفطرة الوجود.

«ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ.وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ» ..فيتبعون أهواءهم بغير علم ويضلون عن الطريق الواصل المستقيم.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام