فهرس الكتاب
الصفحة 124 من 240

في الابتكارات العلمية المعملية المادية التي تنشأ من التفاعل مع المادة نجد أن الذي يشقى بالتجربة أولاً هو العالم،وأنت لا تعلم التجربة إلا بعد ما تظهر نتائجها الطيبة،والمسائل النظرية التي تتعب العالم يأتي التعب منها لأنها ليست مربوطة أولاً بالماديات المقننة وبمعرفة الغاية،ولا بمعرفة الوسيلة لهذه الغاية.فمن المهتدي إذن؟

إن المهتدي هو من يعرف الغاية التي يسعى إليها،والوسيلة التي تؤهله إلى هذه الغاية.وإذا حدث له عطب في ملكات نفسه،يستعين في إصلاح العطب ويلجأ إلى من صنع هذه الملكات،وهو الله سبحانه،كما يرد الإنسان الآلة التي تتعطل لصانعها.ونجد كثيراً من الشعراء يسرحون في خيالهم فيقول الواحد منهم:ألا من يريني غايتي قبل مذهبي ومن أين للغايات بعد المذاهب؟ونقول له:من خلقك أوضح لك الغاية. [1]

24-تعترف بالعقل وتحدد مجاله:

فالعقيدة الإسلامية تحترم العقل السوي،وترفع من شأنه،ولا تحجر عليه،ولا تنكر نشاطه،والإسلام لا يرضى من المسلم أن يطفئ نور عقله،ويركن إلى التقليد الأعمى في مسائل الاعتقاد وغيرها.

قال تعالى: { أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ } [الرعد:19]

لا يَسْتَوِي المُهْتَدِي مِنَ النَّاسِ،الذِي يَعْلَمُ أَنَّ الذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الحَقُّ،الذِي لاَ شَكَّ فِيهِ،مَعَ الضَّالِّ،الذِي لاَ يَعْلَمُ ذَلِكَ،لأنَّهُ يَكُونُ كَالأَعْمَى لاَ يَهْتَدِي إِلَى خَيْرٍ،وَلاَ يَفْهَمُهُ،وَلَوْ فَهِمَهُ مَا انْقَادَ إِلَيْهِ،وَلاَ صَدَّقَ بِهِ وَلاَ انْتَفَعَ.؟ فَالذِينَ يَتَّعِظُونَ وَيَعْتَبِرُونَ هُمْ أَصْحَابُ العُقُولِ السَّلِيمَةِ،وَالبَصَائِرِ المُدْرِكَةِ ( أُولُو الأَلْبَابِ ) [2] .

إن المقابل لمن يعلم أن أنزل إليك من ربك هو الحق ليس هو من لا يعلم هذا،إنما المقابل هو الأعمى! وهو أسلوب عجيب في لمس القلوب وتجسيم الفروق.وهو الحق في الوقت

(1) - تفسير الشعراوي - ( / 864)

(2) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 1727)

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام