فهرس الكتاب
الصفحة 66 من 240

وقدروا على تقديم عملائهم الخونة في صورة الأبطال الأمجاد ليقوموا لهم بأعمال الهدم والتدمير في أجسام المجتمعات الإسلامية على مدار القرون،وبخاصة في العصر الحديث..

ولكنهم لم يقدروا على شيء واحد - والظروف الظاهرية كلها مهيأة له -..لم يقدروا على إحداث شيء في هذا الكتاب المحفوظ،الذي لا حماية له من أهله المنتسبين إليه وهم بعد أن نبذوه وراء ظهورهم غثاء كغثاء السيل لا يدفع ولا يمنع فدل هذا مرة أخرى على ربانية هذا الكتاب،وشهدت هذه المعجزة الباهرة بأنه حقا تنزيل من عزيز حكيم.

لقد كان هذا الوعد على عهد رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - مجرد وعد.أما هو اليوم - من وراء كل تلك الأحداث الضخام ومن وراء كل تلك القرون الطوال.فهو المعجزة الشاهدة بربانية هذا الكتاب،والتي لا يماري فيها إلا عنيد جهول: «إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ،وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ» ..وصدق اللّه العظيم.. [1]

7-إنها عقيدةٌ وسطٌ لا إفراطَ فيها ولا تفريطَ:

إنَّ العقيدة َالإسلامية وسطٌ بين الذينَ ينكرونَ كلَّ ما وراءِ الطبيعةِ مما لم تصلْ إليه حواسُّهم،وبين الذين يثبتونَ للعالم ِ أكثرَ من إلهٍ،والذين يحلُّون روحَ الإله في الملوكِ والحكام،بل وفي بعض الحيواناتِ والنباتات والجماداتِ؟!!.

فقد رفضتِ العقيدةُ الإسلامية الإنكارَ الملحدَ،كما رفضتِ التعددَ الجاهلَ والإشراكَ الغافلَ،وأثبتتْ للعالمِ إلهاً واحداً لا شريكَ له.كما أنها وسطٌ في الصفاتِ الواجبةِ لله تعالى،فلمْ تسلكْ سبيلَ الغلوِّ في التجريدِ فتجعلْ صفاتِ الإله صوراً ذهنيةً مجردةً عن معنًى قائمٍ بذاتٍ لا توحِي بخوفٍ ولا رجاءٍ،كما فعلتِ الفلسفةُ اليونانية،ولم تسلكْ كذلك سبيلَ التشبيهِ والتمثيلِ والتجسيمِ كما فعلتْ بعضُ العقائدِ حيثُ جعلتْ الإلهَ كأنهُ أحدُ المخلوقين يلحقُه ما يلحقُهم من نقصٍ وعيوبٍ.فالعقيدةُ الإسلاميةُ تنزهُ الله تعالى إجمالاً عن مشابهةِ المخلوقينَ بقواعدَ مثلَ قوله تعالى: {..لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} (11) سورة الشورى، وقوله تعالى: {وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (4) سورة الإخلاص

(1) - فى ظلال القرآن ـ موافقا للمطبوع - (4 / 2127)

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام