بين قلب مؤمن وقلب لا يعرف الإيمان! ويهدد القرآن المستنصرين بأعداء دينهم،المتألبين عليهم،المنافقين الذين لا يخلصون للّه اعتقادهم ولا ولاءهم ولا اعتمادهم..يهددهم برجاء الفتح أو أمر اللّه الذي يفصل في الموقف أو يكشف المستور من النفاق. [1]
جاء الإسلام إلى هذه البشرية بتصور جديد لحقيقة الروابط والوشائج،يوم جاءها بتصور جديد لحقيقة القيم والاعتبارات،ولحقيقة الجهة التي تتلقى منها هذه القيم وهذه الاعتبارات.
جاء الإسلام ليرد الإنسان إلى ربه،وليجعل هذه السلطة هي السلطة الوحيدة التي يتلقى منها موازينه وقيمه،كما تلقى منها وجوده وحياته،والتي يرجع إليها بروابطه ووشائجه،كما أنه من إرادتها صدر وإليها يعود.
جاء ليقرر أن هناك وشيجة واحدة تربط الناس في الله فإذا انبتَّت هذه الوشيجة فلا صلة ولا مودة: { لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ } ... [ المجادلة:22 ]
وأن هناك حزباً واحداً لله لا يتعدد،وأحزاباً أخرى كلها للشيطان وللطاغوت: { الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً } ... [ النساء:76 ]
وأن هناك طريقاً واحداً يصل إلى الله وكل طريق آخر لا يؤدي إليه: { وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ } ... [ الأنعام:153 ]
وأن هناك نظاماً واحداً هو النظام الإسلامي وما عداه من النظم فهو جاهلية: { أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ } [ المائدة:50 ]
وأن هناك شريعة واحدة هي شريعة الله وما عداها فهو هوى: { ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ } ... [ الجاثية:18 ]
(1) - فى ظلال القرآن ـ موافقا للمطبوع - (2 / 912)