الجاهلية حولها الطبول في الأرض! وبدون وجود تلك القيمة العليا وسيادتها تصبح الأرزاق والتيسيرات والإنتاج لعنة يشقى بها الناس لأنها يومئذ تستخدم في إعلاء القيم الحيوانية والآلية،على حساب القيم الإنسانية العلوية.
وصدق اللّه العظيم: « يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ،وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ،وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ قُلْ:بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ» .. [1]
فالعواطف أمر غريزي،ولا يتجرد منه أي إنسان سوي،والعقيدة الإسلامية ليست عقيدة هامدة جامدة،بل هي عقيدة حيَّة،تعترف بالعواطف الإنسانية،وتقدرها حق قدرها،وفي الوقت نفسه لا تطلق العنان لها،بل تُقوِّمها،وتسمو بها،وتوجهها الوجهة الصحيحة،التي تجعل منها أداة خير وتعمير،بدلاً من أن تكون معولَ هدمٍ وتدمير.
فعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ،قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:"يَا عَبْدَ اللهِ،أَيُّ عُرَى الْإِسْلَامِ أَوْثَقُ ؟"قَالَ:قُلْتُ:اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ:"الْوَلَايَةُ فِي اللهِ،الْحَبُّ فِي اللهِ وَالْبُغْضُ فِي اللهِ،يَا عَبْدَ اللهِ،أَتَدْرِي أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ ؟"قُلْتُ:اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ،قَالَ:"فَإِنَّ أَعْلَمَ النَّاسَ أَعْلَمُهُمْ بِالْحَقِّ إِذَا اخْتَلَفَ النَّاسُ،وَإِنْ كَانَ مُقَصِّرًا فِي الْعَمَلِ،وَإِنْ كَانَ يَزْحَفُ عَلَى سِتَّةٍ" [2]
وعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ،قَالَ:كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ:أَتَدْرُونَ أَيُّ عُرَى الإِيمَانِ أَوْثَقُ ؟ قُلْنَا:الصَّلاَةُ قَالَ:الصَّلاَةُ حَسَنَةٌ وَلَيْسَ بِذَاكَ قُلْنَا:الصِّيَامُ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ حَتَّى ذَكَرْنَا الْجِهَادَ،فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:أَوْثَقُ عُرَى الإِيمَانِ الْحَبُّ فِي اللهِ وَالْبُغْضُ فِي اللَّهِ. [3]
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،قَالَ:لَمَّا مَاتَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ،قَالَتِ امْرَأَةٌ:هَنِيئًا لَكَ الْجَنَّةُ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ،فَنَظَرَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نَظَرَ غَضْبَانَ،فَقَالَ:وَمَا يُدْرِيكِ ؟ قَالَتْ:يَا رَسُولَ
(1) - فى ظلال القرآن ـ موافقا للمطبوع - (3 / 1799)
(2) - شعب الإيمان - (12 / 73) (9064 ) حسن
(3) - مسند الطيالسي - (2 / 110) (783) حسن لغيره