فهرس الكتاب
الصفحة 183 من 240

المطامع والمنافع،ومن يشتهي الزينة والأبهة،ومن يطلب المال والمتاع،ومن يقيم لاعتبارات الناس وزناً حين تخف في ميزان الله.

إن المؤمن لا يستمد قيمه وتصوراته وموازينه من الناس حتى يأسى على تقدير الناس،إنما يستمدها من رب الناس وهو حسبه وكافيه..إنه لا يستمدها من شهوات الخلق حتى يتأرجح مع شهوات الخلق،إنما يستمدها من ميزان الحق الثابت الذي لا يتأرجح ولا يميل..إنه لا يتلقاها من هذا العالم الفاني المحدود،وإنما تنبثق في ضميره من ينابيع الوجود..فأنّى يجد في نفسه وهناً أو يجد في قلبه حزناً،وهو موصول برب الناس وميزان الحق وينابيع الوجود ؟

إنه على الحق..فماذا بعد الحق إلا الضلال ؟ وليكن للضلال سلطانه،وليكن له هيله وهيلمانه،ولتكن معه جموعه وجماهيره..إن هذا لا يغير من الحق شيئاً،إنه على الحق وليس بعد الحق إلا الضلال،ولن يختار مؤمن الضلال على الحق - وهو مؤمن - ولن يعدل بالحق الضلال كائنة ما كانت الملابسات والأحوال.. { رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ،رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ } . [ آل عمران:8 - 9 ] [1]

30-أنها قد تأتي بالمحار،ولكن لا تأتي بالمحال:

ففي العقيدة الإسلامية ما يبهر العقول،وما قد تحار فيه الأفهام،كسائر أمور الغيب؛من عذاب القبر ونعيمه،والصراط،والحوض،والجنة والنار،وكيفية صفات الله ـ عز وجل ـ.

فالعقول تحار في فهم حقيقة هذه الأمور،وكيفياتها،ولكنها لا تحيلها بل تسلِّم لذلك،وتنقاد،وتذعن؛لأن ذلك صدر عن الوحي المنزل،الذي لا ينطق عن الهوى.

قال تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} (285) سورة البقرة

(1) - معالم في الطريق بتحقيقي - (1 / 152)

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام