فهرس الكتاب
الصفحة 127 من 240

وهذا هو الطريق إلى العلم الحقيقي والمعرفة المستنيرة..هذا هو..القنوت للّه.وحساسية القلب،واستشعار الحذر من الآخرة،والتطلع إلى رحمة اللّه وفضله ومراقبة اللّه هذه المراقبة الواجفة الخاشعة..هذا هو الطريق،ومن ثم يدرك اللب ويعرف،وينتفع بما يرى وما يسمع وما يجرب وينتهي إلى الحقائق الكبرى الثابتة من وراء المشاهدات والتجارب الصغيرة.فأما الذين يقفون عند حدود التجارب المفردة،والمشاهدات الظاهرة،فهم جامعو معلومات وليسوا بالعلماء..

«إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ» ..وإنما يعرف أصحاب القلوب الواعية المتفتحة المدركة لما وراء الظواهر من حقائق.المنتفعة بما ترى وتعلم،التي تذكر اللّه في كل شيء تراه وتلمسه ولا تنساه،ولا تنسى يوم لقاه.. [1]

25-تعترف بالعواطف الإنسانية،وتوجهها الوجهة الصحيحة:

فالعواطف أمر غريزي،ولا يتجرد منه أي إنسان سوي،والعقيدة الإسلامية ليست عقيدة هامدة جامدة،بل هي عقيدة حيَّة،تعترف بالعواطف الإنسانية،وتقدرها حق قدرها،وفي الوقت نفسه لا تطلق العنان لها،بل تُقوِّمها،وتسمو بها،وتوجهها الوجهة الصحيحة،التي تجعل منها أداة خير وتعمير،بدلاً من أن تكون معولَ هدمٍ وتدمير.

قال تعالى: {وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا} (129) سورة النساء

إن اللّه الذي فطر النفس البشرية،يعلم من فطرتها أنها ذات ميول لا تملكها.ومن ثم أعطاها لهذه الميول خطاما.خطاما لينظم حركتها فقط،لا ليعدمها ويقتلها! من هذه الميول أن يميل القلب البشري إلى إحدى الزوجات ويؤثرها على الأخريات.فيكون ميله إليها أكثر من الأخرى أو الأخريات.وهذا ميل لا حيلة له فيه ولا يملك محوه أو قتله..فماذا؟ إن الإسلام لا يحاسبه على أمر لا يملكه ولا يجعل هذا إثما يعاقبه عليه فيدعه موزعا بين ميل لا يملكه وأمر لا يطيقه! بل إنه يصارح الناس بأنهم لن يستطيعوا أن يعدلوا بين النساء - ولو حرصوا - لأن الأمر خارج عن إرادتهم..ولكن هنالك ما هو داخل في إرادتهم.هناك

(1) - فى ظلال القرآن ـ موافقا للمطبوع - (5 / 3042)

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام