فهرس الكتاب
الصفحة 128 من 240

العدل في المعاملة.العدل في القسمة.العدل في النفقة.العدل في الحقوق الزوجية كلها،حتى الابتسامة في الوجه،والكلمة الطيبة باللسان..وهذا ما هم مطالبون به.هذا هو الخطام الذي يقود ذلك الميل.لينظمه لا ليقتله! «فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ» ..

فهذا هو المنهي عنه.الميل في المعاملة الظاهرة،والميل الذي يحرم الأخرى حقوقها فلا تكون زوجة ولا تكون مطلقة..ومعه الهتاف المؤثر العميق في النفوس المؤمنة والتجاوز عما ليس في طاقة الإنسان.

«وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً» .

ولأن الإسلام يتعامل مع النفس البشرية بجملة ما فيها من مزاج فريد مؤلف من القبضة من الطين والنفخة من روح اللّه.وبجملة ما فيها من استعدادات وطاقات.وبواقعيتها المثالية،أو مثاليتها الواقعية،التي تضع قدميها على الأرض،وترف بروحها إلى السماء،دون تناقض ودون انفصام.

لأن الإسلام كذلك..كان نبي الإسلام - صلى الله عليه وسلم - هو الصورة الكاملة للإنسانية حين تبلغ أوجها من الكمال فتنمو فيها جميع الخصائص والطاقات نموا متوازنا متكاملا في حدود فطرة الإنسان.

وكان هذا الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو يقسم بين نسائه فيما يملك،ويعدل في هذه القسمة،لا ينكر أنه يؤثر بعضهن على بعض.وأن هذا خارج عما يملك.فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا،قَالَتْ:كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقْسِمُ فَيَعْدِلُ،فَيَقُولُ:اللَّهُمَّ هَذَا قَسْمِي فِيمَا أَمْلِكُ،فَلا تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلا أَمْلِكُ قَالَ إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي:يَعْنِي الْقَلْبَ،وَهَذَا فِي الْعَدْلِ بَيْنَ نِسَائِهِ".. [1] "

فأما حين تجف القلوب،فلا تطيق هذه الصلة ولا يبقى في نفوس الزوجين ما تستقيم معه الحياة،فالتفرق إذن خير.لأن الإسلام لا يمسك الأزواج بالسلاسل والحبال،ولا بالقيود والأغلال إنما يمسكهم بالمودة والرحمة أو بالواجب والتجمل.فإذا بلغ الحال أن لا تبلغ هذه الوسائل كلها علاج القلوب المتنافرة،فإنه لا يحكم عليها أن تقيم في سجن من الكراهية

(1) - المستدرك للحاكم (2761) صحيح

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام