فهرس الكتاب
الصفحة 111 من 240

وقد جمع اللّه في الآية أعداء الإسلام والمسلمين من شتى الأنواع وبين حالهم عنده،وما أعده لهم في النهاية. [1]

18-سلامة القصد والعمل:

بحيث يَسْلَمُ معتنقها من الانحراف في عبادة الله ـ عز وجل ـ فلا يعبد غير الله،ولا يرجو سواه.

قال تعالى: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } [الفاتحة:5]

وهنا كذلك مفرق طريق..مفرق طريق بين التحرر المطلق من كل عبودية،وبين العبودية المطلقة للعبيد! وهذه الكلية تعلن ميلاد التحرر البشري الكامل الشامل.التحرر من عبودية الأوهام.والتحرر من عبودية النظم،والتحرر من عبودية الأوضاع.وإذا كان الله وحده هو الذي يُعبد،والله وحده هو الذي يُستعان،فقد تخلص الضمير البشري من استذلال النظم والأوضاع والأشخاص،كما تخلص من استذلال الأساطير والأوهام والخرافات..وهنا يعرض موقف المسلم من القوى الإنسانية،ومن القوى الطبيعية..

فأما القوى الإنسانية - بالقياس إلى المسلم - فهي نوعان:قوة مهتدية،تؤمن بالله،وتتبع منهج الله...وهذه يجب أن يؤازرها،ويتعاون معها على الخير والحق والصلاح..وقوة ضالة لا تتصل بالله ولا تتبع منهجه.وهذه يجب أن يحاربها ويكافحها ويغير عليها.

ولا يهولن المسلم أن تكون هذه القوة الضالة ضخمة أو عاتية.فهي بضلالها عن مصدرها الأول - قوة الله - تفقد قوتها الحقيقة.تفقد الغذاء الدائم الذي يحفظ لها طاقتها.وذلك كما ينفصل جرم ضخم من نجم ملتهب،فما يلبث أن ينطفىء ويبرد ويفقد ناره ونوره،مهما كانت كتلته من الضخامة.على حين تبقى لأية ذرة متصلة بمصدرها المشع قوتها وحرارتها ونورها: كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ [البقرة:249] } غلبتها باتصالها بمصدر القوة الأول،وباستمدادها من النبع الواحد للقوة وللعزة جميعاً.

(1) - فى ظلال القرآن ـ موافقا للمطبوع - (6 / 3318)

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام