فهرس الكتاب
الصفحة 145 من 240

المؤمنين في الأولى إلى الدخول في السلم كافة ويحذرهم في الثانية من اتباع خطوات الشيطان.ويستجيش ضمائرهم ومشاعرهم،ويستثير مخاوفهم بتذكير هم بعداوة الشيطان لهم،تلك العداوة الواضحة البينة،التي لا ينساها إلا غافل.والغفلة لا تكون مع الإيمان.

ثم يخوفهم عاقبة الزلل بعد البيان: «فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْكُمُ الْبَيِّناتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ» ..

وتذكيرهم بأن اللّه «عَزِيزٌ» يحمل التلويح بالقوة والقدرة والغلبة،وأنهم يتعرضون لقوة اللّه حين يخالفون عن توجيهه..وتذكير هم بأنه «حَكِيمٌ» ..فيه إيحاء بأن ما اختاره لهم هو الخير،وما نهاهم هو الشر،وأنهم يتعرضون للخسارة حين لا يتبعون أمره ولا ينتهون عما نهاهم عنه..فالتعقيب بشطريه يحمل معنى التهديد والتحذير في المقام.. [1]

28-الإيمان الحقيقي يدفع صاحبه إلى التضحية والفداء في سبيل الله:

قال تعالى: {إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (111) سورة التوبة

من بايع على هذا.من أمضى عقد الصفقة.من ارتضى الثمن ووفى.فهو المؤمن..فالمؤمنون هم الذين اشترى اللّه منهم فباعوا..ومن رحمة اللّه أن جعل للصفقة ثمنا،وإلا فهو واهب الأنفس والأموال،وهو مالك الأنفس والأموال.ولكنه كرم هذا الإنسان فجعله مريدا وكرمه فجعل له أن يعقد العقود ويمضيها - حتى مع اللّه - وكرمه فقيده بعقوده وعهوده وجعل وفاءه بها مقياس إنسانيته الكريمة ونقضه لها هو مقياس ارتكاسه إلى عالم البهيمة:..شر البهيمة.. «إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ عاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لا يَتَّقُونَ» ..كما جعل مناط الحساب والجزاء هو النقض أو الوفاء.

وإنها لبيعة رهيبة - بلا شك - ولكنها في عنق كل مؤمن - قادر عليها - لا تسقط عنه إلا بسقوط إيمانه.

(1) - فى ظلال القرآن ـ موافقا للمطبوع - (1 / 206)

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام