فهرس الكتاب
الصفحة 67 من 240

،وقوله تعالى: {رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} (65) سورة مريم.

ومعَ هذا تصفُه بصفاتٍ إيجابيةٍ فعالةٍ تبعثُ الخوفَ والرجاءَ في نفوسِ العباد كما في قوله تعالى: {اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} (255) سورة البقرة .

ثم إنها وسطٌ بين التسليمِ الساذجِ والتقليدِ الأعمى في العقائدَ،وبينَ الغلوِّ والتوغلِ بالعقلِ لإدراك ِكلِّ شيءٍ حتى الألوهيةِ.فهي تنهَى عن التقليدِ الأعمَى،حيث عابَ اللهُ على القائلين {بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ} (22) سورة الزخرف،وتنهى عن التوغلِ بالعقلِ لإدراك ِكيفية صفاتِ الربِّ عزَّ وجلَّ فقال تعالى: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} (110) سورة طه ،وقال تعالى: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} (36) سورة الإسراء،وتدعوهم إلى التوسطِ والأخذ ِبالمدركاتِ كوسائطَ قال تعالى: { وَفِي الْأَرْضِ آَيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ (20) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21) [الذاريات/20،21] } .

فليس فيها الغلو في التجريد الذي جعل صفات الإله مجرد سلوب لا تعطي معنى،ولا توحي بخوف أو رجاء ـ كما فعلت الفلسفة اليونانية ـ فكل ما وصفت به الإله أنه ليس بكذا وليس بكذا..من غير أن تقول ما صفات هذا الإله الإيجابية؟ وما أثرها في هذا العالم؟

ويقابل هذا أنها خلت من التشبيه والتجسيم الذي وقعت فيه عقائد أخرى كاليهودية،التي جعلت الخالق كأحد المخلوقين من الناس،ووصفته بالنوم والتعب والراحة،والتحيز والمحاباة والقسوة..و..وجعلته يلتقي ببعض الأنبياء فيصارعه فيغلبه ويصرعه،فلم يتمكن الرب من الإفلات منه حتى أنعم عليه بلقب جديد!

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام