فهرس الكتاب
الصفحة 47 من 240

هذه الأوضاع بالدعوة إلى الإسلام..هؤلاء لا يدركون طبيعة هذه العقيدة ولا كيف ينبغي أن تطرق القلوب!..

إن أصحاب المذاهب الإلحادية أنفسهم يكشفون عن عنوانهم وواجهتهم ووجهتهم! أفلا يعلن أصحاب الدعوة إلى الإسلام عن عنوانهم الخاص؟ وطريقهم الخاص؟ وسبيلهم التي تفترق تماما عن سبيل الجاهلية؟ [1]

ولأنَّ العقيدة َمما تحارُ العقولُ المجردةُ فيها،ولا تصلُ إلى إدراكِها إلا منْ طريقِ الشارعِ الحكيمِ،فقد رجعَ كثيرٌ من الفلاسفةِ وأهلِ الكلامِ من المسلمينَ عن مناهجِهم العقليةِ المجردةِ إلى منهجِ الكتابِ والسُّنةِ،ومن هؤلاءِ الفخرُ الرازيُّ- وهو منْ كبارِ الفلاسفةِ المسلمينَ- إذ يقولُ بعد عمرٍ طويلٍ في البحثِ العقليِّ:

نِهَايَةُ إِقْدَامِ الْعُقُولِ عِقَالُ... وَغَايَةُ سَعْيِ الْعَالَمِينَ ضَلَالُ

وَأَرْوَاحُنَا فِي وَحْشَةٍ مِنْ جُسُومِنَا..وَحَاصِلُ دُنْيَانَا أَذَى وَوَبَالُ

وَلَمْ نَسْتَفِدْ مِنْ بَحْثِنَا طُولَ عُمْرِنَا.سِوَى أَنْ جَمَعْنَا فِيهِ:قِيلَ وَقَالُوا

فَكَمْ قَدْ رَأَيْنَا مِنْ رِجَالٍ وَدَوْلَةٍ...فَبَادُوا جَمِيعًا مُسْرِعِينَ وَزَالُوا

وَكَمْ مِنْ جِبَالٍ قَدْ عَلَتْ شُرُفَاتِهَا...رِجَالٌ،فَزَالُوا وَالْجِبَالُ جِبَالُ

لَقَدْ تَأَمَّلْتُ الطُّرُقَ الْكَلَامِيَّةَ،وَالْمَنَاهِجَ الْفَلْسَفِيَّةَ،فَمَا رَأَيْتُهَا تَشْفِي عَلِيلًا،وَلَا تُرْوِي غَلِيلًا،وَرَأَيْتُ أَقْرَبَ الطُّرُقِ طَرِيقَةَ الْقُرْآنِ،اقْرَأْ فِي الْإِثْبَاتِ: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (5) سورة طه، {مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ } (10) سورة فاطر،وَاقْرَأْ فِي النَّفْيِ: { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} (11) سورة الشورى {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} (110) سورة طه،ثُمَّ قَالَ:"وَمَنْ جَرَّبَ مِثْلَ تَجْرِبَتِي عَرَفَ مِثْلَ مَعْرِفَتِي" [2] .

(1) - فى ظلال القرآن ـ موافقا للمطبوع - (4 / 2034)

(2) - شرح الطحاوية في العقيدة السلفية - (ج 1 / ص 482) ومنهاج السنة النبوية - (ج 5 / ص 190) ودرء التعارض - (ج 1 / ص 89) وسير أعلام النبلاء - (ج 21 / ص 501)

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام