فهرس الكتاب
الصفحة 49 من 240

والتوجيه بإقامة الوجه للدين القيم،ولو أنه موجه إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلا أن المقصود به جميع المؤمنين.لذلك يستمر التوجيه لهم مفصلا معنى إقامة الوجه للدين: «مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ.مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً.كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ» ..فهي الإنابة إلى اللّه والعودة في كل أمر إليه.وهي التقوى وحساسية الضمير ومراقبة اللّه في السر والعلانية والشعور به عند كل حركة وكل سكنة.وهي إقامة الصلاة للعبادة الخالصة للّه.وهي التوحيد الخالص الذي يميز المؤمنين من المشركين..

ويصف المشركين بأنهم «الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً» ..والشرك ألوان وأنماط كثيرة.منهم من يشركون الجن،ومنهم من يشركون الملائكة،ومنهم من يشركون الأجداد والآباء.ومنهم من يشركون الملوك والسلاطين.ومنهم من يشركون الكهان والأحبار.ومنهم من يشركون الأشجار والأحجار.ومنهم من يشركون الكواكب والنجوم.ومنهم من يشركون النار.ومنهم من يشركون الليل والنهار.ومنهم من يشركون القيم الزائفة والرغائب والأطماع.ولا تنتهي أنماط الشرك وأشكاله..و «كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ» بينما الدين القيم واحد لا يتبدل ولا يتفرق،ولا يقود أهله إلا إلى اللّه الواحد،الذي تقوم السماوات والأرض بأمره،وله من في السماوات والأرض كل له قانتون. [1]

وقوله تعالى: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} (14) سورة الملك.

والواقعُ شاهدٌ على موافقةِ الفطرة للعقيدةِ الإسلامية القائمةِ على الإخلاصِ لله وحدَهُ،فما أنْ يصابَ الإنسانُ بضرٍّ تعجزُ أمامَه القوى الماديةُ إلا ويلجأُ إلى اللهِ تعالى في تذللٍ وخضوعٍ،ويستوي في ذلك الكافرُ والمؤمنُ،قال تعالى: {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُواْ بِهَا جَاءتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُاْ اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنِّ مِنَ الشَّاكِرِينَ} (22) سورة يونس.

(1) - فى ظلال القرآن ـ موافقا للمطبوع - (5 / 2767)

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام