فمن اعتقدها،وزاد علماً بها،وعملاً بمقتضاها،ودعوة للناس إليها ـ أعلا الله قدره،ورفع له ذكره،ونشر بين الناس فضله،فرداً كان أو جماعة؛ذلك أن العقيدة الصحيحة هي أفضل ما اكتسبته القلوب،وخير ما أدركته العقول؛فهي تثمر المعارف النافعة،والأخلاق العالية
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} (11) سورة المجادلة
وقال تعالى: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ} (44) سورة الزخرف
ونص هذه الآية هنا يحتمل أحد مدلولين:
أن هذا القرآن تذكير لك ولقومك تسألون عنه يوم القيامة،فلا حجة بعد التذكير.
أو أن هذا القرآن يرفع ذكرك وذكر قومك.وهذا ما حدث فعلا..
فأما الرسول - صلى الله عليه وسلم - فإن مئات الملايين من الشفاه تصلي وتسلم عليه،وتذكره ذكر المحب المشتاق آناء الليل وأطراف النهار منذ قرابة ألف وأربع مئة عام.ومئات الملايين من القلوب تخفق بذكره وحبه منذ ذلك التاريخ البعيد إلى أن يرث اللّه الأرض ومن عليها.
وأما قومه فقد جاءهم هذا القرآن والدنيا لا تحس بهم،وإن أحست اعتبرتهم على هامش الحياة.وهو الذي جعل لهم دورهم الأكبر في تاريخ هذه البشرية.وهو الذي واجهوا به الدنيا فعرفتهم ودانت لهم طوال الفترة التي استمسكوا فيها به.فلما أن تخلوا عنه أنكرتهم الأرض،واستصغرتهم الدنيا وقذفت بهم في ذيل القافلة هناك،بعد أن كانوا قادة الموكب المرموقين! وإنها لتبعة ضخمة تسأل عنها الأمة التي اختارها اللّه لدينه،واختارها لقيادة القافلة البشرية الشاردة،إذا هي تخلت عن الأمانة: «وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ» ..وهذا المدلول الأخير أوسع وأشمل.وأنا إليه أميل. [1]
وقال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (33) سورة فصلت
(1) - فى ظلال القرآن ـ موافقا للمطبوع - (5 / 3191)