فهرس الكتاب
الصفحة 215 من 240

مِنْ فَضْلِكَ،وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ". [1] ..وهذه الصورة تمثل لنا كيف كان يأخذ الأمر جدا،في بساطة تامة،فهو أمر للتنفيذ فور سماعه بحرفيته وبحقيقته كذلك! [2] "

وروي عن بعض السلف أنه قال:من باع واشترى في يوم الجمعة بعد الصلاة،بارك الله له سبعين مرة،لقول الله تعالى: { فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ } [3]

وقال: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ } (15) سورة الملك.

أي:فسافروا حيث شئتم من أقطارها،وترددوا في أقاليمها وأرجائها في أنواع المكاسب والتجارات،واعلموا أن سعيكم لا يجدي عليكم شيئًا،إلا أن ييسره الله لكم؛ ولهذا قال: { وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ } فالسعي في السبب لا ينافي التوكل،فعن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ،قال:إِنَّهُ سَمِعَ نَبِيَّ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:لَوْ أَنَّكُمْ تَتَوَكَّلُونَ عَلَى اللهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ،لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا. [4]

فأثبت لها رواحا وغدوا لطلب الرزق،مع توكلها على الله،عز وجل،وهو المسَخِّر المسير المسبب. { وَإِلَيْهِ النُّشُورُ } أي:المرجع يوم القيامة. [5]

فإذا استيقظ ضميره لهذه الحقيقة الهائلة أذن له الخالق الرحمن الرحيم بالمشي في مناكبها والأكل من رزقه فيها: «فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ» .والمناكب المرتفعات،أو الجوانب.وإذا أذن له بالمشي في مناكبها فقد أذن له بالمشي في سهولها وبطاحها من باب أولى.فمتى أذن له في الشموس منها فقد أذن له في الذلول! والرزق الذي فيها كله من خلقه،وكله من ملكه،وهو أوسع مدلولا مما يتبادر إلى أذهان الناس من كلمة الرزق.فليس هو المال الذي يجده أحدهم في يده،ليحصل به على حاجياته ومتاعه.إنما هو كل ما أودعه

(1) - تفسير ابن أبي حاتم - (12 / 313) بلا سند

(2) - فى ظلال القرآن ـ موافقا للمطبوع - (6 / 3570)

(3) - تفسير ابن كثير - دار طيبة - (8 / 123)

(4) - مسند أحمد (عالم الكتب) - (1 / 139) (205) صحيح

(5) - تفسير ابن كثير - دار طيبة - (8 / 179)

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام