إن أحدا يدرك روح الإسلام واتجاهه،لا يقول:إن التعدد مطلوب لذاته،مستحب بلا مبرر من ضرورة فطرية أو اجتماعية وبلا دافع إلا التلذذ الحيواني،وإلا التنقل بين الزوجات،كما يتنقل الخليل بين الخليلات.
إنما هو ضرورة تواجه ضرورة،وحل يواجه مشكلة.وهو ليس متروكا للهوى،بلا قيد ولا حد في النظام الإسلامي،الذي يواجه كل واقعيات الحياة.
فإذا انحرف جيل من الأجيال في استخدام هذه الرخصة.إذا راح رجال يتخذون من هذه الرخصة فرصة لإحالة الحياة الزوجية مسرحا للذة الحيوانية.إذا أمسوا يتنقلون بين الزوجات كما يتنقل الخليل بين الخليلات.
إذا أنشئوا «الحريم» في هذه الصورة المريبة..فليس ذلك شأن الإسلام وليس هؤلاء هم الذين يمثلون الإسلام..إن هؤلاء إنما انحدروا إلى هذا الدرك لأنهم بعدوا عن الإسلام،ولم يدركوا روحه النظيف الكريم.
والسبب أنهم يعيشون في مجتمع لا يحكمه الإسلام،ولا تسيطر فيه شريعته.مجتمع لا تقوم عليه سلطة مسلمة،تدين للإسلام وشريعته وتأخذ الناس بتوجيهات الإسلام وقوانينه،وآدابه وتقاليده.
إن المجتمع المعادي للإسلام المتفلت من شريعته وقانونه،هو المسئول الأول عن هذه الفوضى.هو المسئول الأول عن «الحريم» في صورته الهابطة المريبة.هو المسئول الأول عن اتخاذ الحياة الزوجية مسرح لذة بهيمية.
فمن شاء أن يصلح هذه الحال فليرد الناس إلى الإسلام،وشريعة الإسلام،ومنهج الإسلام فيردهم إلى النظافة والطهارة والاستقامة والاعتدال..من شاء الإصلاح فليرد الناس إلى الإسلام لا في هذه الجزئية ولكن في منهج الحياة كلها.فالإسلام نظام متكامل لا يعمل إلا وهو كامل شامل..
والعدل المطلوب هو العدل في المعاملة والنفقة والمعاشرة والمباشرة.أما العدل في مشاعر القلوب وأحاسيس النفوس،فلا يطالب به أحد من بني الإنسان،لأنه خارج عن إرادة الإنسان..وهو العدل الذي قال اللّه عنه في الآية الأخرى في هذه السورة:«وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا