فهرس الكتاب
الصفحة 180 من 240

الكلام الأول؛حتى انتهى إلى قوله:وإن احتجت إلينا أن نمنعك فكن لنا عبد تؤدى الجزية عن يد وأنت صاغر،وإلا فالسيف إن أبيت! فنخر نخرة،واستشاط غضباً،ثم حلف بالشمس لا يرتفع لكم الصبح غداً حتى أقتلكم أجمعين." [1] ."

كذلك وقف ربعي بن عامر مع رستم هذا وحاشيته قبل وقعة القادسية:

قَالُوا:ثُمَّ بَعَثَ إِلَيْهِ سَعْدٌ رَسُولًا آخَرَ بِطَلَبِهِ،وَهُوَ رِبْعِيُّ بْنُ عَامِرٍ،فَدَخَلَ عَلَيْهِ وَقَدْ زَيَّنُوا مَجْلِسَهُ بِالنَّمَارِقِ [2] الْمُذَهَّبَةِ وَالزَّرَابِيِّ الْحَرِيرِ،وَأَظْهَرَ الْيَوَاقِيتَ وَاللَّآلِئَ الثَّمِينَةَ،وَالزِّينَةَ الْعَظِيمَةَ،وَعَلَيْهِ تَاجُهُ،وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْأَمْتِعَةِ الثَّمِينَةِ،وَقَدْ جَلَسَ عَلَى سَرِيرٍ مِنْ ذَهَبٍ،وَدَخَلَ رِبْعِيٌّ بِثِيَابٍ صَفِيقَةٍ وَسَيْفٍ وَتُرْسٍ وَفَرَسٍ قَصِيرَةٍ،وَلَمْ يَزَلْ رَاكِبَهَا حَتَّى دَاسَ بِهَا عَلَى طَرَفِ الْبُسَاطِ،ثُمَّ نَزَلَ وَرَبَطَهَا بِبَعْضِ تِلْكَ الْوَسَائِدِ،وَأَقْبَلَ وَعَلَيْهِ سِلَاحُهُ وَدِرْعُهُ وَبَيْضَةٌ عَلَى رَأْسِهِ،فَقَالُوا لَهُ:ضَعْ سِلَاحَكَ.فَقَالَ:إِنِّي لَمْ آتِكُمْ،وَإِنَّمَا جِئْتُكُمْ حِينَ دَعَوْتُمُونِي،فَإِنْ تَرَكْتُمُونِي هَكَذَا وَإِلَّا رَجَعْتُ.فَقَالَ رُسْتُمُ:ائْذَنُوا لَهُ.فَأَقْبَلَ يَتَوَكَّأُ عَلَى رُمْحِهِ فَوْقَ النَّمَارِقِ فَخَرَّقَ عَامَّتَهَا،فَقَالُوا لَهُ:مَا جَاءَ بِكُمْ ؟ فَقَالَ:اللَّهُ ابْتَعَثْنَا لِنُخْرِجَ مَنْ شَاءَ مِنْ عِبَادَةِ الْعِبَادِ إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ،وَمِنْ ضِيقِ الدُّنْيَا إِلَى سِعَتِهَا،وَمِنْ جَوْرِ الْأَدْيَانِ إِلَى عَدْلِ الْإِسْلَامِ،فَأَرْسَلَنَا بِدِينِهِ إِلَى خَلْقِهِ لِنَدْعُوَهُمْ إِلَيْهِ،فَمَنْ قَبِلَ ذَلِكَ قَبِلْنَا مِنْهُ وَرَجَعْنَا عَنْهُ،وَمَنْ أَبَى قَاتَلْنَاهُ أَبَدًا حَتَّى نُفْضِيَ إِلَى مَوْعُودِ اللَّهِ.قَالُوا:وَمَا مَوْعُودُ اللَّهِ ؟ قَالَ:الْجَنَّةُ لِمَنْ مَاتَ عَلَى قِتَالِ مَنْ أَبَى،وَالظَّفَرُ لِمَنْ بَقِيَ.فَقَالَ رُسْتُمُ:قَدْ سَمِعْتُ مَقَالَتَكُمْ،فَهَلْ لَكَمَ أَنْ تُؤَخِّرُوا هَذَا الْأَمْرَ حَتَّى نَنْظُرَ فِيهِ وَتَنْظُرُوا ؟ قَالَ:نَعَمْ،كَمْ أَحَبُّ إِلَيْكُمْ ؟ أَيَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ ؟ قَالَ:لَا،بَلْ حَتَّى نُكَاتِبَ أَهْلَ رَأْيِنَا وَرُؤَسَاءَ قَوْمِنَا.فَقَالَ:مَا سَنَّ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ نُؤَخِّرَ الْأَعْدَاءَ عِنْدَ اللِّقَاءِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ،فَانْظُرْ فِي أَمْرِكَ وَأَمْرِهِمْ،وَاخْتَرْ وَاحِدَةً مِنْ ثَلَاثٍ بَعْدَ الْأَجَلِ.فَقَالَ:أَسَيِّدُهُمُ أَنْتَ ؟ قَالَ:لَا،وَلَكِنَّ الْمُسْلِمُونَ كَالْجَسَدِ الْوَاحِدِ يُجِيرُ أَدْنَاهُمْ عَلَى أَعْلَاهُمْ.. [3]

(1) - تاريخ الرسل والملوك - (2 / 270)

(2) - النمارق: الوسائد والحشايا للاتكاء . والزرابي: البسط المخملة .

(3) - البداية والنهاية لابن كثير - موافقة للمطبوع - (7 / 46) وتاريخ الرسل والملوك - (2 / 267) حسن

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام