فهرس الكتاب
الصفحة 179 من 240

رستم ليمحو ما صنع،وقال له:يا عربي؛إن الحاشية قد تصنع ما لا يوافق الملك،فيتراخى عنها مخافة أن يكسرها عما ينبغي من ذلك؛فالأمر على ماتحب من الوفاء وقبول الحق؛ما هذه المغازل التي معك؟ قال:ما ضر الجمرة ألا تكون طويلة ! ثم راماهم.وقال:ما بال سيفك رثاً! قال:رث الكسوة،حديد المضربة.ثم عاطاه سيفه،ثم قال له رستم:تكلم أم أتكلم؟ فقال المغيرة:أنت الذي بعثت إلينا،فتكلم.فأقام الترجمان بينهما،وتكلم رستم،فحمد قومه،وعظم أمرهم وطوله.وقال:لم نزل متمكنين في البلاد،ظاهرين على الأعداء،أشرافاً في الأمم؛فليس لأحد من الملوك مثل عزنا وشرفنا وسلطاننا،ننصر على الناس ولا ينصرون علينا إلا اليوم واليومين،أو الشهر والشهرين؛للذنوب؛فإذا انتقم الله فرضى رد إلينا عزنا،وجمعنا لعدونا شر يوم هو آت عليهم.ثم إنه لم يكن في الناس أمة أصغر عندنا أمراً منكم؛كنتم أهل قشف ومعيشة سيئة،لا نراكم شيئاً ولا نعدكم،وكنتم إذا قطحت أرضكم،وأصابتكم السنة استغثتم بناحية أرضنا فنأمر لكم بالشيء من التمر والشعير ثم نردكم،وقد علمت أنه لم يحملكم على ما صنتعتم إلا ما أصابكم من الجهد في بلاد،فأنا آمر لأميركم بكسوة وبغل وألف درهم،وآمر لكل رجل منكم بوقر تمر وبثوبين،وتنصرفون عنا،فإني لست أشتهى أن أقتلكم ولا آسركم.

فتكلم المغيرة بن شعبة،فحمد الله وأثنى عليه،وقال:إن الله خالق كل شئ ورازقه؛فمن صنع شيئاً فإنما هو الذي يصنعه هو له.وأما الذي ذكرت به نفسك وأهل بلادك؛من الظهور على الأعداء والتمكن في البلاد وعظم السلطان في الدنيا؛فنحن نعرفه،ولسنا ننكره؛فالله صنعه بكم؛ووضعه فيكم وهو له دونكم؛وأما الذي ذكرت فينا من سوء الحال،وضيق المعيشة واختلاف القلوب؛فنحن نعرفه؛ولسنا ننكره؛والله ابتلانا بذلك،وصيرنا إليه،والدنيا دول؛ولم يزل أهل شدائدها يتوقعون الرخاء حتى يصيروا إليها؛ولو يزل أهل رخاتها يتوقعون الشدائد حتى تنزل بهم ويصيروا إليها ولو كنتم فيما آتاكم الله ذوى شكر،كان شكركم يقصر عما أوتيتم،وأسلمكم ضعف الشكر إلى تغير الحال؛ولو كنا فيما ابتلينا به أهل كفر؛كان عظيم ما تتابع علينا مستجلبا من الله رحمة يرفه بها عنا،ولكن الشأن غير ما تذهبون إليه؛أو كنتم تعرفوننا به؛إن الله تبارك وتعالى بعث فينا رسولاً....ثم ذكر مثل

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام