قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ:أَلَسْتَ نَبِيَّ اللهِ ؟ قَالَ:بَلَى قُلْتُ:أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ ؟ وَعَدُوُّنَا عَلَى الْبَاطِلِ ؟ قَالَ:بَلَى،قَالَ:قُلْتُ:فَلِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا إِذًا ؟ قَالَ:إِنِّي رَسُولُ اللهِ،وَلَسْتُ أَعْصِيهِ،وَهُوَ نَاصِرِي.قُلْتُ:أَوَلَسْتَ كُنْتَ تُحَدِّثُنَا أَنَّا سَنَأْتِي الْبَيْتَ فَنَطُوفُ بِهِ ؟ قَالَ:بَلَى قَالَ:أَفَأَخْبَرْتُكَ أَنَّكَ تَأْتِيهِ الْعَامَ ؟ قُلْتُ:لاَ.قَالَ:فَإِنَّكَ آتِيهِ،وَمُتَطَوِّفٌ بِهِ،قَالَ:فَأَتَيْتُ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ،فَقُلْتُ:يَا أَبَا بَكْرٍ،أَلَيْسَ هَذَا نَبِيُّ اللهِ حَقًّا ؟ قَالَ:بَلَى.قُلْتُ:أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ وَعَدُوُّنَا عَلَى الْبَاطِلِ ؟ قَالَ:بَلَى.قُلْتُ:فَلِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا إِذًا ؟ قَالَ:أَيُّهَا الرَّجُلُ،إِنَّهُ رَسُولُ اللهِ،وَلَنْ يَعْصِي رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ،وَهُوَ نَاصِرُهُ،فَاسْتَمْسِكْ بِغَرْزِهِ،وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ:تَطَوَّفْ بِغَرْزِهِ حَتَّى تَمُوتَ،فَوَاللَّهِ إِنَّهُ لَعَلَى الْحَقِّ.قُلْتُ:أَوَلَيْسَ كَانَ يُحَدِّثُنَا أَنَّا سَنَأْتِي الْبَيْتَ وَنَطُوفُ بِهِ ؟ قَالَ:بَلَى.قَالَ:أَفَأَخْبَرَكَ أَنَّهُ يَأْتِيهِ الْعَامَ ؟ قُلْتُ:لاَ.قَالَ:فَإِنَّكَ آتِيهِ،وَمُتَطَوِّفٌ بِهِ [1] ""
فهذه صورة مما كان يجيش في القلوب..
وكان المؤمنون ضيقي الصدور بشروط قريش الأخرى،من رد من يسلم ويأتي محمدا بغير إذن وليه.
ومن حميتهم الجاهلية في رد اسم الرحمن الرحيم.وفي رد صفة رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - وقد روي أن عليا - رضي اللّه عنه - أبى أن يمحو هذه الصفة كما طلب سهيل بن عمرو بعد كتابتها،فمحاها رسول اللّه بنفسه وهو يقول: «اللهم إنك تعلم أني رسولك» ..
وكانت حميتهم لدينهم وحماستهم للقاء المشركين بالغة،يبدو هذا في بيعتهم الإجماعية ثم انتهى الأمر إلى المصالحة والمهادنة والرجوع.فلم يكن هينا على نفوسهم أن تنتهي الأمور إلى ما انتهت إليه.يبدو هذا في تباطئهم في النحر والحلق،حتى قالها رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - ثلاثا.وهم من هم طاعة لأمر رسول اللّه وامتثالا.كالذي حكاه عنهم لقريش عروة ابن مسعود الثقفي.ولم ينحروا ويحلقوا أو يقصروا إلا حين رأوا رسول اللّه يفعل هذا بنفسه،فهزتهم هذه الحركة العملية ما لم يهزهم القول،وثابوا إلى الطاعة كالذي كان في دهشة المأخوذ! وهم كانوا قد خرجوا من المدينة بنية العمرة،لا ينوون قتالا،ولم يستعدوا
(1) - مسند أحمد (عالم الكتب) - (6 / 428) وصحيح البخارى- المكنز - (2731 و2732)