له نفسيا ولا عمليا.ثم فوجئوا بموقف قريش،وبما شاع من قتلها لعثمان،وبإرسال النفر الذين رموا في عسكر المسلمين بالنبل والحجارة.
فلما عزم رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - على المناجزة وطلب البيعة أعطوها له عن بكرة أبيهم.ولكن هذا لا ينفي موقف المفاجأة على غير ما كانت نفوسهم قد خرجت له.وهو بعض ما كان يجيش في قلوبهم من انفعالات وتأثرات.وهم ألف وأربعمائة وقريش في دارها،ومن خلفهم الأعراب والمشركون.
وحين يسترجع الإنسان هذه الصور يدرك معنى قوله تعالى: «هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ» ..
ويذوق طعم اللفظ وطعم العبارة،ويتصور الموقف يومئذ ويعيش فيه مع هذه النصوص،ويحس برد السكينة وسلامها في تلك القلوب.
ولما كان اللّه يعلم من قلوب المؤمنين يومئذ،أن ما جاش فيها جاش عن الإيمان،والحمية الإيمانية لا لأنفسهم،ولا لجاهلية فيهم.فقد تفضل عليهم بهذه السكينة: «لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ» والطمأنينة درجة بعد الحمية والحماسة،فيها الثقة التي لا تقلق،وفيها الرضى المطمئن باليقين.
ومن ثم يلوّح بأن النصر والغلب لم يكن عسيرا ولا بعيدا،بل كان هينا يسيرا على اللّه لو اقتضت حكمته يومئذ أن يكون الأمر كما أراده المؤمنون،فإن للّه جنودا لا تحصى ولا تغلب،تدرك النصر وتحقق الغلب وقتما يشاء: «وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً» ..فهي حكمته وهو علمه،تسير الأمور وفقهما كما يريد.
وعن العلم والحكمة: «أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ» .ليحقق لهم ما قدره من فوز ونعيم: «لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ،خالِدِينَ فِيها،وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ،وَكانَ ذلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزاً عَظِيماً» ..
وإذا كان هذا في حساب اللّه فوزا عظيما،فهو فوز عظيم! فوز عظيم في حقيقته،وفوز عظيم في نفوس من ينالونه من عند اللّه مقدرا بتقديره،موزونا بميزانه..ولقد فرح المؤمنون يومها بما كتب اللّه لهم وكانوا قد تطلعوا بعد ما سمعوا افتتاح السورة،وعلموا منه ما