والعلم إذا أطلق فالمراد به العلم الشرعي الذي تفيد معرفته ما يجب على المكلف من أمر دينه.
والعلم الشرعي على قسمين: فرض عين ـ وفرض كفاية.
وما ذكره رحمه الله: فهو فرض العين على الذكر والأنثى والحر والعبد أن يعرفه لا يعذر أحد بجهله.
وفي الحديث عن أنس. قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (طلب العلم فريضة على كل مسلم) . رواه ابن ماجه
قال أحمد: يجب أن يطلب من العلم ما يقوم به دينه، قيل له: مثل أي شيء: قال: الذي لا يسعه جهله صلاته وصيامُه.
1)قال الله تعالى: {شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائماً بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم} .
قال القرطبي رحمه الله في تفسيره: (هذه الآية دليل على فضل العلم وشرف العلماء، فإنه لو كان أحد أشرف من العلماء لقرنهم الله باسمه واسم ملائكته كما قرن العلماء) .
2)وقال تعالى في شرف العلم لنبيه - صلى الله عليه وسلم: {وقل ربي زدني علماً} .
قال القرطبي رحمه الله: (فلو كان شيء أشرف من العلم لأمر الله تعالى نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يسأله المزيد منه كما أمر أن يستزيده من العلم) .
3)وقال تعالى: {إنما يخشى الله من عباده العلماء} .
4)عن معاوية - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: (من يرد الله به خيراً يفقه في الدين) رواه البخاري ومسلم
5)عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: (من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة) . رواه مسلم
6)وعن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (من سلك طريقاً يلتمس به علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما يصنع، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض، حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يُوَرِّثوا ديناراً ولا درهماً، إنما ورَّثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر) . رواه أبو داود والترمذي
فسر العلم بأنه معرفة الله، أي: أنه يجب على المسلم والمسلمة أن يعرف كل واحد ربه بذاته وصفاته وأفعاله، ,انه {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} وأن يعرف العبد بأن الله تبارك وتعالى هو خالقه ورازقه والمتصرف في أمره، بل وفي الكون كله، وهو المستحق لأن يعبد وحده دون سواه، وكل عبادة صرفت لغيره فهي عبادة باطلة، وأن يؤمن بأن له الأسماء الحسنى والصفات العلى التي جاءت في كتاب الله وفي سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -.
فمن عرف الله عز وجل حق المعرفة، وقدره حق قدره، فأقام فرائضه، وأدى الواجبات، وامتثل المأمور، واجتنب المنهي، وأحل الحلال معتقداً حله، وحرم الحرام معتقداً تحريمه، وهو في كل ذلك يرجو رحمته ويخشى عقوبته طيلة حياته، فهو المؤمن حقاً، له من ربه مغفرة وأجر عظيم.
ولهذه المعرفة بابان واسعان:
أحدهما: النظر في مفعولاته.
الثاني: التفكر في آياته وتدبرها.
فالنوع الأول كقوله: {إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس .... } .
وقوله: {إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب} .
أي تعرف نبيك وهو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي القرشي المكي، معرفة تستلزم قبول ما جاء به من الهدي ودين الحق وتصديقه فيما أخبر وامتثال أمره فيما أمر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، وتحكيم شريعته.