فهرس الكتاب
الصفحة 22 من 46

هذه الثلاثة هي مراتب الدين وأصوله، كما جاء في حديث جبريل أنه سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - ما الإسلام، ثم قال: فأخبرني عن الإيمان ... ثم قال له: فأخبرني عن الإحسان ... ثم قال - صلى الله عليه وسلم: ( ... هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم) . رواه مسلم

فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - هذه الأشياء هي الدين وذلك أنها متضمنة للدين كله.

# الإسلام، والإيمان:

الإسلام بالمعنى العام: هو التعبد لله بما شرعه من العبادات التي جاءت بها رسله منذ أن أرسل الله الرسل إلى أن تقوم الساعة، فيشمل ما جاء به نوح - عليه السلام - وكذلك بقية الأنبياء.

والإسلام بالمعنى الخاص بعد بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم - يختص بما بُعِث به محمد - صلى الله عليه وسلم -، لأن ما بعث به - صلى الله عليه وسلم - نسخ جميع الأديان السابقة.

وإذا قلنا: إن الإسلام هو التعبد لله بما شرع، شمل ذلك الاستسلام له ظاهراً وباطناً، فيشمل الدين كله عقيدة وعملاً، وقولاً.

الإيمان هو الأعمال الباطنة من العقيدة وأعمال القلوب.

# الإحسان: (هو أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك) كما عرفه الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وهو أعلى مراتب العبادة وأعظمها.

وقد جاء ذكره في القرآن في مواضع، تارة مقروناً بالإيمان، وتارة مقروناً بالإسلام، وتارة مقروناً بالتقوى أو بالعمل الصالح.

قال تعالى: {ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وأحسنوا ... } .

وقال تعالى: {بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه} .

والمقرون بالتقوى كقوله تعالى: {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} .

وقد ثبت في صحيح مسلم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - تفسير الزيادة بالنظر إلى وجهه تعالى في الجنة، وهذا مناسب لجعله جزاءً لأهل الإحسان، لأن الإحسان: أ، يعبد المسلم ربه في الدنيا على وجه الحضور والمراقبة، كأنه يراه بقلبه وينظر إليه في حال عبادته فكان جزاء ذلك النظر إلى وجه الله عياناً في الآخرة.

وعكس هذا ما أخبر الله تعالى به عن جزاء الكافرين في الآخرة: {إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون} ، وجعل ذلك جزاءً لحالهم في الدنيا، وهو تراكم الران على قلوبهم حتى حجبت عن معرفته في الدنيا، فكان جزاؤهم على ذلك أن حجبوا عن رؤيته في الآخرة.

وقوله - صلى الله عليه وسلم - في تفسير الإحسان: (أن تعبد الله كأنك تراه ... ) يشير إلى أن العبد يعبد الله تعالى على هذه الصفة، وهو استحضار قربه وأنه بين يديه كأنه يراه، وذلك يوجب الخشية والخوف والهيبة والتعظيم، كما جاء في رواية أبي هريرة: (أن تخشى الله كأنك تراه) ، ويوجب أيضاً النصح في العبادة وبذل الجهد في تحسينها وإتمامها وإكمالها.

فحقيقة الإحسان: أن يعمل العبد على مقتضى مشاهدته لله تعالى بقلبه وهو أن يتنوَّر القلب بالإيمان وتنفذ البصيرة في العرفان حتى يصير الغيب كالعيان، وتتفاوت أهل هذه المقامات فيه بحسب قوة نفوذ البصائر.

م / (ومنه الدعاء , وفي الحديث"الدعاء مخ العبادة"والدليل قوله تعالى: وقال ربكم أتدعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين)

وقوله: (ومنه) الضمير في قوله (ومنه) يعود على (أنواع) أي من الأنواع، ولذا جاءت صيغته تذكير.

وبعد أسطر قال المصنف: (ومن حرف منها شيئاً) ، ومنها: صيغة مؤنث فتكون عائدة على العبادة.

الدعاء:

وهو من أنواع العبادة، والدليل قوله تعالى:

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام