3 ـ أن الجن خُلق للغاية نفسها التي خلق الإنس من أجلها، فالجن مكلفون بأوامر ونواهي، فمن أطاع رضي الله عنه وأدخله الجنة، ومن عصى وتمرد فله النار.
يدل على ذلك نصوص كثيرة.
ففي يوم القيامة يقول الله تعالى مخاطباً كفرة الجن والإنس موبخاً: {يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا شهدنا على أنفسنا وغرتهم الحياة الدنيا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين} ففي هذه الآية دليل على بلوغ شرع الله الجن، وأنه قد جاءهم من ينذرهم ويبلغهم.
والدليل على أنهم سيعذبون في النار قوله تعالى: {قال ادخلوا في أمم قد خلت من قبلكم من الجن والإنس في النار} .
وقال تعالى: {ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والإنس} .
وقال تعالى: {لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين} .
والدليل على أن المؤمنين من الجن يدخلون الجنة قوله تعالى: {ولمن خاف مقام ربه جنتان فبأي آلاء ربكما تكذبان} والخطاب هنا للجن والإنس، لأن الحديث في مطلع السورة فيهما.
قال ابن مفلح في كتابه الفروع: (الجن مكلفون في الجملة إجماعاً، يدخل كافرهم النار إجماعاً، ويدخل مؤمنهم الجنة وفاقاً لمالك والشافعي ... ) .
التوحيد: عرفه المؤلف بأنه إفراد الله بالعبادة.
وهناك تعريف أعم: وهو إفراد الله سبحانه بما يختص به من الربوبية والألوهية والأسماء والصفات.
وينقسم إلى ثلاثة أقسام:
الأول / توحيد الربوبية: وهو إفراد الله بالخلق والملك والتدبير.
قال تعالى: {الله خالق كل شيء}
الثاني / توحيد الألوهية: وهو إفراد الله تعالى بالعبادة بأن لا يتخذ الإنسان مع الله أحداً يعبده ويتقرب إليه كما يعبد الله ويتقرب إليه.
قال تعالى: {ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه الباطل}
الثالث / توحيد الأسماء والصفات: وهو إفراد الله تعالى بما سمى به نفسه ووصف به نفسه في كتابه أو على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وذلك بإثبات ما أثبته ونفي ما نفاه من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل.
ومراد المؤلف هنا: توحيد الألوهية، وهو الذي ضل فيه المشركون الذين قاتلهم النبي - صلى الله عليه وسلم - واستباح دماءهم وأموالهم وأرضهم.
# فهذا التوحيد هو أول دعوة الرسل , وأول منازل الطريق , وأول مقام يقوم فيه السالك إلى الله عز وجل.
قال تعالى: {لقد أرسلنا نوحاً إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره}
وقال هود - عليه السلام - لقومه: {اعبدوا الله ما لكم من إله غيره} .
وقال تعالى: {ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت} .
وقال تعالى: {وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون} .
وقال - صلى الله عليه وسلم: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله) . متفق عليه
وإنما كان التوحيد أعظم ما أمر الله به لأنه الأصل الذي ينبني عليه الدين كله، ولهذا بدأ به النبي - صلى الله عليه وسلم - في الدعوة إلى الله وأمر من أرسله للدعوة أن يبدأ به.
1 ـ أنه أكبر دعامة للرغبة في الطاعة.
لأن الموَحِّد يعمل لله سبحانه وتعالى، وعليه فهو يعمل سراً وعلانية، أما غير الموحد كالمرائي مثلاً، فإنه يتصدق ويصلي ويذكر الله إذا كان عنده من يراه فقط، ولهذا قال بعض السلف: (إني لأود أن أتقرب إلى الله بطاعة لا يعلمها إلا هو) .
2 ـ أن الموحدين لهم الأمن وهم مهتدون.
كما قال تعالى: {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون} .
قوله تعالى: {لم يلبسوا} أي لم يخلطوا.
قوله تعالى: {بظلم} الظلم هنا مقابل الإيمان وهو الشرك.