· ويكون شركاً أكبر إذا توقع أو طمع من مخلوق ما لا يقدر عليه إلا الله، كأن يتوقع من مخلوق النصر، أو تتوقع منه الولد أو الشفاء أو السلامة.
قال تعالى: {قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضر هل هن كاشفات ضره} .
· ويكون الرجاء شرك أصغر، كأن تتوقع وترجو الشفاء والخير من الله لكن بوسيلة محرمة، كمن لبس حلقة أو خيطاً على أن تكون سبباً للشفاء.
قال - صلى الله عليه وسلم: (من تعلق تميمة فقد أشرك) .
# واعلم أن الرجاء لا يصح إلا مع العمل.
قال العلماء: والرجاء ثلاثة أنواع:
1.رجاء رجل عمل بطاعة الله على نور من الله فهو راج لثوابه.
2.رجاء رجل أذنب ذنباً ثم تاب منه فهو راج لمغفرة الله وعفوه وإحسانه وجوده وعلمه.
3.رجل متماد في التفريط والخطايا يرجو رحمة الله بلا عمل، فهذا هو الغرور والرجاء الكاذب.
التوكل: هو الاعتماد على الله سبحانه وتعالى في جلب المطلوب وزوال المكروه مع فعل الأسباب المأذون فيها.
فمن جعل أكثر اعتماده على الأسباب نقص توكله على الله، ويكون قادحاً في كفاية الله، ومن جعل أكثر اعتماده على الله ملغياً للأسباب فقد طعن في حكمة الله، لأن الله جعل لكل شيء سبباً.
والنبي - صلى الله عليه وسلم - أعظم المتوكلين على الله، ومع ذلك كان يأخذ بالأسباب، فكان يأخذ الزاد في السفر، ولما خرج إلى أحد ظاهر بين درعين (أي لبس درعين) ، ولما خرج مهاجراً أخذ من يدله على الطريق.
التوكل أنواع:
1 ـ التوكل على الله، وهو من تمام الإيمان وعلامات صدقه، وهو واجب لا يتم الإيمان إلا به.
2 ـ توكل السر , بأن يعتمد على ميت في جلب منفعة أو دفع مضرة، فهذا شرك أكبر , لأنه لا يقع إلا ممن يعتقد أن لهذا الميت تصرفاً سرياً في اللون، ولا فرق بين أن يكون نبياً، أو ولياً، أو طاغوتاً.
3 ـ التوكل على الغير فيما يتصرف فيه الغير مع الشعور بعلو مرتبته، فهذا نوع من الشرك الأصغر، أما لو اعتمد عليه على أنه سبب وأن الله تعالى هو الذي قدر ذلك على يده فإن ذلك لا بأس به إذا كان للمتوكل عليه أثر صحيح في حصوله.
4 ـ التوكل على الغير فيما يتصرف فيه المتوكل بحيث ينيب غيره في أمر تجوز فيه النيابة , كما لو وكلت شخصاً في بيع شيء أو شرائه، فهذا لا بأس به بدلالة الكتاب والسنة والإجماع.
قال تعالى حكاية عن يعقوب: {يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه} .
ووكل - صلى الله عليه وسلم - على الصدقة عمالاً وحفاظاً، ووكل في إثبات الحقوق وإقامتها، ووكل علي بن أبي طالب في هديه في حجة الوداع أن يتصدق بجلودها وجلالها.
م / (ودليل الرغبة والرهبة والخشوع قوله تعالى: {إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغباً ورهباً وكانوا لنا خاشعين} )
الرغبة: محبة الوصول إلى الشيء المحبوب.
الرهبة: الخوف المثمر للهرب من المخوف، فهو خوف مقرون بالعمل.
الخشوع: الذل والتطامن لعظمة الله.
فهذه عبادات قلبية من أجلّ العبادات، وصرفها لغير الله شرك أكبر.
يقول تعالى عن الأنبياء والصالحين: {إنهم كانوا يسارعون في الخيرات} أي في عمل القربات وفعل الطاعات.
{ويدعوننا رغباً ورهباً} أي رغبة في رحمة الله ورهباً من عذاب الله.
{وكانوا لنا خاشعين} أي خاضعين متذللين.
فدلت الآية على أن هذه الثلاثة الأنواع من أجل أنواع العبادة، فمن صرف منها شيئاً لغير الله فهو مشرك.