جواب: العصاة من أهل التوحيد في الآخرة ثلاث طبقات [1] :
[1] الطبقة الأولى: قوم رجحت حسناتهم على سيئاتهم. فأولئك يدخلون الجنة من أول وهلة؛ ولا تمسهم النار أبداً.
[2] الطبقة الثانية: قوم تساوت حسناتهم وسيائتهم وتكافأت، فقصرت بهم سيئاتهم عن الجنة وتجاوزت بهم حسناتهم عن النار. وهؤلاء أصحاب الأعراف الذين ذكر الله تعالى أنهم يوقفون بين الجنة والنار ما شاء الله أن يوقفوا؛ ثم يؤذن لهم في دخول الجنة.
[3] الطبقة الثالثة: قوم لقوا الله تعالى مصرين على كبائر الإثم والفواحش؛ ومعهم أصل الإيمان؛ فرجحت سيئاتهم على حسناتهم. فهؤلاء في مشيئة الله عز وجل فبعضهم يعفو الله عنه بعلمه وحكمته ورحمته، ويحاسبه الحساب اليسير؛ قال الله تعالى: (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ، فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً) [الانشقاق: 7، 8] .
قال صلى الله عليه وسلم: (ذلك العرض، يُعرضون، ومن نوقش الحساب هلك- وفي رواية عُذب) "البخاري".
والبعض الآخر يكون ممن يناقش الحساب؛ فهؤلاء هم الذين يدخلون النار بقدر ذنوبهم ثم يأذن الله تعالى فيهم بالشفاعة، فيخرجون من النار؛ وكل من كان منهم أعظم إيماناً وأخف ذنباً، كان أخف عذاباً في النار، وأقل مكثاً فيها، وأسرع خروجاً منها.
قال صلى الله عليه وسلم: (من قال لا إله إلا الله نفعته يوماً من الدهر، يصيبه قبل ذلك ما أصابه) "البزار والبيهقي وصححه الألباني في صحيح الجامع 6434".
والروايات المختلفة لأحاديث الشفاعة تؤكد على أن من كان معه التوحيد فإن مآله بإذن الله إلى الجنة؛ ومهما بقى في النار ومكث فيها بقدر تقصيره وذنوبه؛ ومهما كان ما مات عليه من عمل [2] .
(1) معارج القبول جـ 2 ص324.
(2) معارج القبول ج2 ص248 وشرح النووي على مسلم جـ1 ص237 وحـ2 ص97.
أما قضية سقوط الإيمان بالكلية بترك جنس عمل الجوارح فهي قضية افتراضية غير قابلة للتحقيق -من وجهة نظري- وهي على المستوى النظري لا تتعدى أن تكون من باب دلالة بعض الظواهر على انتفاء أصل الإيمان -كدلالة ترك الصلاة على ذلك- ولا دخل لها بالقدر المتفق عليه بين أئمة السنة لتحقيق أصل الإيمان والخروج من الكفر وهو الاعتقاد القلبي بشقيه قول القلب وعمل القلب ثم الإعلان عن ذلك باللسان مع ترك الشرك والتبري منه.
راجع إجابة السؤال (30) من هذا البحث.