جواب: الاعتقاد بالجنان أو بالقلب؛ وهو العنصر الأول من عناصر الإيمان؛ يتضمن عند السلف وأئمة السنة والجماعة ركنين قلبيين لا يغني أحدهما عن الآخر؛ بل لا بد من تحققهما مجتمعين في القلب ليدخل صاحبه في مسمى الإيمان:
* الركن الأول: المعرفة أو العلم أو التصديق. ويطلق عليه"قول القلب".
* الركن الآخر: الالتزام أو الانقياد أو التسليم. ويطلق عليه"عمل القلب" [1] .
أما عن الركن الأول فهو أول شروط الانتفاع بالشهادتين -كلمة التوحيد- وهو"العلم بمعناها نفياً وإثباتاً، المنافي للجهل بذلك، قال الله عز وجل: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) . وقال تعالى: (إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ) ، أي بلا إله إلا الله (وَهُمْ يَعْلَمُونَ) بقلوبهم معنى ما نطقوا به بألسنتهم" [2] .
وأما عن الركن الآخر فإن سلف الأمة وأئمتها متفقون على أنه تابع للركن الأول فلا يكون العبد مؤمناً إلا بهما معاً. وإلا فإن مجرد التصديق بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم دون الانقياد والتعظيم والمحبة لهما ليس إيماناً باتفاق هؤلاء الأئمة؛ بل هذا ظاهر ثابت بدلائل الكتاب والسنة وإجماع الأمة؛ بل ذلك معلوم بالاضطرار من دين الإسلام [3] والتصديق الذي لا يكون معه شيء من ذلك ليس إيماناً البتة؛ بل هو كتصديق فرعون واليهود وإبليس [4] .
ويجب أن ننبه إلى أن الالتزام المقصود هنا هو الالتزام القلبي الذي يسبق العمل بالجوارح، والذي عبر عنه الإمام محمد بن نصر المروزي بقوله:"تخضع له ولأمره بإعطاء العزم للأداء لما أمر مجانباً للاستنكاف والاستكبار والمعاندة"أهـ [5] .
(1) قد يسمى قول القلب: التوحيد العلمي أو الخبري أو الاعتقادي أو توحيد الربوبية؛ ويسمى عمل القلب: التوحيد العملي أو الطلبي أو الإرادي أو توحيد الألوهية.
(2) معارج القبول جـ 1 ص307 - 308.
(3) الإيمان لابن تيمية ص381.
(4) الإيمان لابن تيمية ص291.
(5) راجع الإيمان لابن تيمية ص296.