جواب: إذا تحقق"أصل الإيمان"لشخص ما ودخل بذلك في دين الله، فإن ذلك لا يضمن له النجاة من الكفر والخلود في النار إلا إذا مات على هذا الإيمان ولم ينقضه بقول أو فعل أو اعتقاد؛ وإلا فإذا ما حدث هذا والعياذ بالله فقد سقط ذلك الإيمان السابق ولم ينتفع به صاحبه في آخرته ودنياه؛ بل يكون كافراً خارجاً عن دين الله مخلداً في النار في الآخرة؛ كما تجري عليه أحكام المرتد في الدنيا إذا ظهرت منه إحدى هذه النواقض التي سقط فيها [1] .
وعليه فلا يلزم لوقوع الردة والخروج إلى الكفر أن ينخلع المرء من ملة الإسلام بالكلية ويرتد إلى ملة أخرى؛ بل يكفي سقوطه في أحد نواقض الإيمان قولاً أو عملاً أو اعتقاداً لكي يخرج بذلك عن دين الله من هذا الباب [2] .
وعليه أيضاً فإن الشخص الذي يرتد عن الإسلام بأحد هذه النواقض القولية أو الفعلية أو الاعتقادية -فيخرج بذلك عن الملة الإسلامية- لا يمكن له أن يجدد إيمانه ويدخل في دين الله مرة أخرى إلا من نفس الباب الذي خرج منه؛ لا يكفي في ذلك مجرد إظهار الإسلام أو التلفظ بالشهادتين، بل عليه أن يتوب عن نفس الأمر الذي خرج به عن دين الله، ويتبرأ منه بذاته [3] .
ونواقض الإيمان قد تمس توحيد الله في ربوبيته؛ أو في أسمائه وصفاته؛ أو في تأليهه وعبادته."والواقع أن هذا النوع الأخير من الكفر يدخل صاحبه في النوعين السابقين من الكفر، لأن من عبد غير الله، أو عبد معه غيره؛ فإن اعترافه لله بالتوحيد في الربوبية والأسماء والصفات باطل ولا قيمة له. ولذا كان توحيد الله في عبادته موضع الامتحان للعباد في هذه الحياة الدنيا؛ فأكثر ارتداد الناس وكفرهم يرجع إلى هذا النوع" [4] .
(1) أفرد كثير من العلماء نواقض الإيمان في باب منفصل في كتب الفقه أطلقوا عليه"باب المرتد"؛ وبعض العلماء صنفوا كتباً مستقلة كاملة في هذه النواقض. ولقد استفاض هؤلاء العلماء في تقرير النواقض القولية مثل سب الله عز وجل أو الرسول صلى الله عليه وسلم؛ أو العملية مثل السجود للأصنام أو الذبح لها، أو الاعتقادية مثل اعتقاد قدم العالم أو حدوث الصانع أو تعدده؛ إلى آخر هذه الصور.
(2) راجع مثلاً كفاية الأخبار جـ 2 ص123 - 125 والإعلام بقواطع الإسلام للهيثمي.
(3) الإيمان لنعيم ياسين ص54.
(4) الإيمان لنعيم ياسين ص102.