سؤال (13) : إذا حقق العبد"أصل الإيمان"فما هو المطلوب منه لكي ينجو من النار ويدخل الجنة ابتداء؟
جواب: إذا حقق العبد أصل الإيمان من التصديق والانقياد المجمل؛ وقد اكتملت الشريعة وأنزل الله عز وجل تفصيلات ما أمر به قبل ذلك مجملاً؛ أصبح واجباً على العبد أن يؤكد حقيقة"إيمانه المجمل"ولا ينقضه؛ بأن يصدق بكل خبر، ويلتزم بكل أمر مما يعلمه بعد ذلك من تفصيلات الشريعة خبراً خبراً وأمراً أمراً، ويعمل به على قدر طاقته. بل أصبح واجباً عليه أن يطلب هو بنفسه هذا العلم تفصيلاً ليلتزم به ويعمل بمقتضاه، إذ أن ما كان واجباً عليه قبل ذلك"مجملاً"أصبح واجباً الآن عليه"مفصلاً".
وهذا القدر من"الإيمان الواجب"أو"الإيمان المفصل"أو"الإيمان الكامل بالواجبات"هو القدر من الإيمان الذي إذا ما أتى به العبد على وجهه تصديقاً والتزاماً وعملاً؛ فأتي بكل ما فُرض عليه من واجبات وانتهى عن كل ما نُهى عنه من محرمات -على قدر ما بلغه من تفصيلات- ظاهراً وباطناً؛ فقد نجا من دخول النار ابتداء بإذن الله إذا مات على هذا.
وأما إذا ما أتى بهذا القدر تصديقاً وانقياداً، ولكن قصر به عمله سواء بترك واجبات أو اقتراف محرمات ظاهرة أو باطنة ومات على هذا بلا توبة؛ فقد أصبح معرضاً للوعيد والعذاب بالنار بقدر ما ترك من الواجبات أو اقترف من المحرمات أي أصبح في مشيئة الله إن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه.
والذين تركوا الواجبات أو ارتكبوا الكبائر هم الذين نفت عنهم النصوص الشرعية اسم الإيمان المطلق؛ مثل قوله صلى الله عليه وسلم: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن) "مسلم"؛ ولكنها لم تنف عنهم مطلق الإيمان، لأنهم لم يخرجوا بذلك عن دائرة الملة؛ إذ أن معهم أصل التصديق والانقياد والإقرار أي"الإيمان المجمل"الذي يقفون به على حد الإسلام ويحققون به"أصل الإيمان"وينجيهم من الكفر والخلود في النار، ويدخلون به تحت عموم الخطاب بـ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) ؛ لأن كل ما يكون له مبتدأ وكممال، ينفى تارة باعتبار انتفاء كماله، ويثبت تارة باعتبار ثبوت مبدئه [1] .
(1) الإيمان لابن تيمية ص34 وص152وص174 وص227 وص230 وص243 وص403 وص413.
والإيمان الأوسط ص19. وهذا القسم قد يسميه بعض الناس"الفاسق الملي"، وهو مما تنازع الناس في اسمه وحكمه، والخلاف فيه أول خلاف ظهر في الإسلام في مسائل أصول الدين.
راجع الإيمان الأوسط ص19 - 20.