فهرس الكتاب
الصفحة 140 من 224

إذن هذه الكلمة، وهي كلمة الإيمان، المنطلقة من"لا إله إلا الله محمد رسول الله"، كلمة التوحيد، هي التي، تصنع الإنسان بوضوحها، وهي التي تُدَمِّر الإنسان، إذا أصابها الغبش والضلال، لدى الإنسان ..

هذه القضية، يجب أن نفهمها، وبعض الناس يظن أن الإيمان واضحٌ في قلوبنا وأذهاننا، لأنه يظن أن الإيمان، هو ما تعلق بمسائل الغيب ..

أنا أرى وأقرأ، لبعض الذين ينتسبون إلى الفكر الإسلامي، يقولون:"القضية، ليست قضية الإيمان، فيما يظهر من اعوجاج وتشوه وضلال وانحراف في حياة المسلمين، - يقولون - ليس مبعثه وليس سببه هو قضية الإيمان، إنما هي قضية فهم حركة الحياة، التي يسمونها عندهم بالأفكار بعد ذلك،". - لأنهم - يظنون أن الإيمان هو ما تعلق بقضايا تصديق أخبار الغيب فقط، الإنسان مؤمن ومسلم، لأنه يؤمن بوجود الحساب .. ، فيظن أن هذا، هو الإيمان، وهذا قد استويا في عقل الإنسان، إذن فإيمانه صحيح فأين التشوه بعد ذلك؟ - يقولون - تشوهه في أفكاره، في فهمه لحركة الحياة ..

هذا، ضلال وانحراف في فهمه للإيمان أولاً، ثانياً: السؤال: ما الذي أُعطيه هذا الصحابي، من الفهم لحركة الحياة، حتّى يكون إنساناً سليماً؟ لم يعط شيءٌ، أُعطَى فقط هذه الكلمة. فأول نقطةٍ بعث بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي التي تشعب بعد ذلك منها العطاء الإلهي بالتشريعات والهداية والإكرام، هو أنه"قولوا لا إله إلا الله محمد رسول الله". ثم بعد ذلك، إطار الجماعة.

أول قضية بعث بها رسول الله صلى الله عليه وسلم"التوحيد"، والقضية الثانية"الإطار العملي لتحديد هذه الفكرة، وهي"الجماعة". وكلاهما قد شُوِّه في الفكر الإسلامي، قد شوه كما رأينا، فمفاهيم،"لا إله إلا الله". أصابه الإنحراف في عقولنا [1] وكذلك"الجماعة"إنفرط عِقدها العملي، وانفرط قبل ذلك، قبل انفراط عقدها العملي الحياتي في واقع المسلمين، انفرط مفهومها في أذهاننا. فصار المسلم كما ترون (كلٌّ على مولاه أينما يوجهه لايأتي بخير) . لا يأتي بخير أبداً .. ، يعمل لإقامة الحكومة الإسلامية، فلا يأتي بخير، يجيء بالكفار - في النهاية -، كما جاهد آباؤنا الصليبيين والمستعمرين، جاهدوهم، فطردوا المستعمرين وأتوا بالقومية والكفار المحليين، لعدم وضوح الإيمان؛ الجماعات الإسلامية الآن، يقاتل اليهود - في فلسطين - ولا يغضب من وجود منظمة التحرير الفلسطينية! .. ، فالقضية قضية"أينما يوجهه لا يأتي بخير"، لا يدري ماذا يصنع، حركته غير منضبطة بهذه القضية العظيمة (لا إله إلا الله محمد رسول الله) .. فلذلك مهمتنا أن نعيد هذه الألفاظ إلى نصاعتها، أن نرجع إلى كلام الأوائل وبعد ذلك، نرى مقدار التشوه الذي حصل في بلادنا وفي مكاننا وفي حياتنا وفي أفرادنا وجماعاتنا."

من أجل هذا، هذه القضية مهمة، وإذا لم تُفهَم، خلاص!، ما فيه قيمة ولا نفع، اذهب فاقرأ الفقه، واقرأ .. ، ستكون مشوهاً، اذهب واقرأ علم الحديث .. ، لماذا الفقه؟ ما هو قيمة الفقه؟ ليخدم قضية التوحيد. إما هو فرع منها، وإما مادَّاً لها بالقوة، فقط .. الفقه ماهو؟ عبودية لله، وهي دائرة متصلةٌ كما ترون، يخرج منه التوحيد الصافي، ويرجع بالعبادة الصحيحة، بالقوة

(1) راجع کتاب"مفاهيم ينبغي ان تصحح". للشيخ محمد قطب حفظه الله تعالي.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام