فهرس الكتاب
الصفحة 111 من 224

القول الأول: أن الحروف قول جبريل.

القول الثاني: قول محمد صلى الله عليه وسلم.

القول الثالث: قول مخلوق.

إذن كما ترون، كلام الله عند الأشاعرة، هو المعني، هو المعنى النفسي. القرآن، أو كلام الله، هو المعنى النفسي القديم القائم بالذات.

ويقول اللقاني (إبراهيم بن إبراهيم بن حسن اللقاني) (1041 ه) في كتابه (جوهرة التوحيد) :"وكل نصٍ للحدوث دلّا .. إحمل عن اللفظ الذي قد دلّا".

هذا هو الكلام عندهم.

ثم ثالثاً: القرآن معنى واحدة. عند الأشاعرة.

سترون هذه المجموعة الغريبة جداً من التناقضات. طبعاً الأشاعرة، لا تقولون كيف؟ .. يعني ترون أن مذهب المعتزلة، معقول وممكن تصوره .. لكن سترون أن في جميع مذهب الأشاعرة، لا يوجد شيءٌ، يمكن تصوره. ولذلك ..

إذن هو القرآن عند الأشاعرة، أول شيء: هو المعني .. و أما اللفظ، إما أن يكون عن الجبريل أو عن محمد صلى الله عليه وسلم، أو مخلوق. ثم إستقر عند الأشاعرة المتأخرين على أن اللفظ الذي بين أيدينا ماذا؟ مخلوق. يعني أنت تقول: (الحمدلله) ، هذه الكلمة"الحمدلله"هل هذه، كلام الله؟ - بالنسبة للأشاعرة؟ - لا، هذه لفظة مخلوقة، وأما معناها، هو كلام الله. ما دليلكم على أن الكلام - في لغة العرب - ممكن أن يطلق على المعنى دون اللفظ؟ لأن العرب تقول"الكلام، هو اللفظ المفيد، الذي يحمل معنى". قالوا: دليلنا قول الشاعر - احتجوا ببيت شعرٍ وهو:"إن الكلام لفي الفؤاد وإنما جعل اللسان على الفؤاد دليلاً". [1]

قالوا: انظروا هذا الشاعر، يقول الكلام هو الذي في القلب، إذن الكلام هو المعني، لكن اللفظ لا يطلق عليه الكلام وإنما دليلٌ على الكلام. إذن القرآن الذي بين أيدينا هل هو كلام الله؟ أو الدَّال على كلام الله، أو عبارة على كلام الله؟ - قالوا - هو الدليل، وليس هو كلام الله! ولكنه مخلوق ودالٌّ على كلام الله. وقالوا هذا كلام شاعرٍ، يدل على مانقول ..

ثم قالوا واحتجوا بكلام عمربن الخطاب رضي الله عنه لما جاء السقيفة، فقال: (زوَّرت في نفسي كلاماً) [2] - أي قدَّرته -، فسمَّى ما تُحَدِّث النفس به نفسها، كلاماً.

فقال الأشاعرة: إذن جاز لنا أن نسمِّي الكلام هو الحديث النفسي، المعنى الموجود في داخل اللفظ ..

الرد عليهم سريعاً: الرد على هؤلاء: الكلام، كلمة الكلام إذا أطلقت لا يمكن أن تحمل إلا على"اللفظ المفيد"، لكنها إذا قُيدت، تَحملُ معاني كثيرة.

(1) هذا البيت منسوب لأخطل (19 - 90 ه) . وهو من الشعراء النصرانيين المشهورين.

(2) رواه البخاري (6830) ..

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام