فهرس الكتاب
الصفحة 43 من 491

.. هذا شر وفساد وبغي وباطل .. فلا حرمة له إذن ، ولا يجوز أن يتترس بالحرمات ، ليضرب من ورائها الحرمات!

وعلى المسلمين أن يمضوا في طريقهم في يقين وثقة في سلام مع ضمائرهم ، وفي سلام من اللّه ..

ويمضي السياق بعد بيان هذه الحقيقة ، وتمكين هذه القاعدة ، وإقرار قلوب المسلمين وأقدامهم .. يمضي فيكشف لهم عن عمق الشر في نفوس أعدائهم ، وأصالة العدوان في نيتهم وخطتهم: «وَلا يَزالُونَ يُقاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطاعُوا» ..

وهذا التقرير الصادق من العليم الخبير يكشف عن الإصرار الخبيث على الشر وعلى فتنة المسلمين عن دينهم بوصفها الهدف الثابت المستقر لأعدائهم. وهو الهدف الذي لا يتغير لأعداء الجماعة المسلمة في كل أرض وفي كل جيل .. إن وجود الإسلام في الأرض هو بذاته غيظ ورعب لأعداء هذا الدين ولأعداء الجماعة المسلمة في كل حين إن الإسلام بذاته يؤذيهم ويغيظهم ويخيفهم. فهو من القوة ومن المتانة بحيث يخشاه كل مبطل ، ويرهبه كل باغ ، ويكرهه كل مفسد. إنه حرب بذاته وبما فيه من حق أبلج ، ومن منهج قويم ، ومن نظام سليم .. إنه بهذا كله حرب على الباطل والبغي والفساد. ومن ثم لا يطيقه المبطلون البغاة المفسدون.

ومن ثم يرصدون لأهله ليفتنوهم عنه ، ويردوهم كفارا في صورة من صور الكفر الكثيرة. ذلك أنهم لا يأمنون على باطلهم وبغيهم وفسادهم ، وفي الأرض جماعة مسلمة تؤمن بهذا الدين ، وتتبع هذا المنهج ، وتعيش بهذا النظام.

وتتنوع وسائل قتال هؤلاء الأعداء للمسلمين وأدواته ، ولكن الهدف يظل ثابتا .. أن يردوا المسلمين الصادقين عن دينهم إن استطاعوا. وكلما انكسر في يدهم سلاح انتضوا سلاحا غيره ، وكلما كلت في أيديهم أداة شحذوا أداة غيرها .. والخبر الصادق من العليم الخبير قائم يحذر الجماعة المسلمة من الاستسلام ، وينبهها إلى الخطر ويدعوها إلى الصبر على الكيد ، والصبر على الحرب ، وإلا فهي خسارة الدنيا والآخرة والعذاب الذي لا يدفعه عذر ولا مبرر: «وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ ، فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ» ..

والحبوط مأخوذ من حبطت الناقة إذا رعت مرعى خبيثا فانتفخت ثم نفقت .. والقرآن يعبر بهذا عن حبوط العمل ، فيتطابق المدلول الحسي والمدلول المعنوي .. يتطابق تضخم العمل الباطل وانتفاخ مظهره ، وهلاكه في النهاية وبواره .. مع تضخم حجم الناقة وانتفاخها ثم هلاكها في النهاية بهذا الانتفاخ! ومن يرتدد عن الإسلام وقد ذاقه وغرفه تحت مطارق الأذى والفتنة - مهما بلغت - هذا مصيره الذي قرره اللّه له .. حبوط العمل في الدنيا والآخرة. ثم ملازمة العذاب في النار خلودا.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام