فهرس الكتاب
الصفحة 424 من 491

ثم إنه إذ يجعل حكمه فيما يختلفون فيه من شيء هو الحكم الواحد الفصل. يقيم هذا على حقيقة أن مقاليد السماوات والأرض كلها إليه بعد ما فطرها أول مرة ، وشرع لها ناموسها الذي يدبرها: «لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ» .. وهم بعض ما في السماوات والأرض ، فمقاليدهم إليه.

ثم إنه هو الذي يتولى أمر رزقهم قبضا وبسطا - فيما يتولى من مقاليد السماوات والأرض -: «يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ» .. فهو رازقهم وكافلهم ومطعمهم وساقيهم. فلمن غيره يتجهون إذن ليحكم بينهم فيما يختلفون فيه؟ وإنما يتجه الناس إلى الرازق الكافل المتصرف في الأرزاق. الذي يدبر هذا كله بعلم وتقدير: «إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ» .. والذي يعلم كل شيء هو الذي يحكم وحكمه العدل ، وحكمه الفصل ..

وهكذا تتساوق المعاني وتتناسق بهذه الدقة الخفية اللطيفة العجيبة لتوقع على القلب البشري دقة بعد دقة ، حتى يتكامل فيها لحن متناسق عميق.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام