حتى إذا انحرفت عنه ، وتخلت عن تكاليفه ، ردها اللّه عن مكان القيادة إلى مكان التابع في ذيل القافلة.
وما تزال. ولن تزال حتى تعود إلى هذا الأمر الذي اجتباها له اللّه.
هذا الأمر يقتضي الاحتشاد له والاستعداد .. ومن ثم يأمرها القرآن بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والاعتصام باللّه: «فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ. هُوَ مَوْلاكُمْ. فَنِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ» ..
فالصلاة صلة الفرد الضعيف الفاني بمصدر القوة والزاد. والزكاة صلة الجماعة بعضها ببعض والتأمين من الحاجة والفساد. والاعتصام باللّه العروة الوثقى التي لا تنفصم بين المعبود والعباد.
بهذه العدة تملك الأمة المسلمة أن تنهض بتكاليف الوصاية على البشرية التي اجتباها لها اللّه. وتملك الانتفاع بالموارد والطاقات المادية التي تعارف الناس على أنها مصادر القوة في الأرض. والقرآن الكريم لا يغفل من شأنها ، بل يدعو إلى إعدادها. ولكن مع حشد القوى والطاقات والزاد الذي لا ينفد ، والذي لا يملكه إلا المؤمنون باللّه. لا فيوجهون به الحياة إلى الخير والصلاح والاستعلاء.
إن قيمة المنهج الإلهي للبشرية أنه يمضي بها قدما إلى الكمال المقدر لها في هذه الأرض ولا يكتفي بأن يقودها للذائذ والمتاع وحدهما كما تقاد الأنعام.
وإن القيم الإنسانية العليا لتعتمد على كفاية الحياة المادية ، ولكنها لا تقف عند هذه المدارج الأولى. وكذلك يريدها الإسلام في كنف الوصاية الرشيدة ، المستقيمة على منهج اللّه في ظل اللّه ..