فهرس الكتاب
الصفحة 287 من 491

أصحاب الدعوة الإسلامية اليوم إلى محاولة بلورة العقيدة الإسلامية في صورة «نظرية مذهبية» على الورق كالذي يجدونه في النظريات المذهبية الأرضية الصغيرة ، التي يصوغها البشر لفترة من الفترات ثم يمضي الزمن فإذا كلها عورات وشطحات ومتناقضات! .. وهي التي تقود بعض أصحاب

هذه الدعوة إلى محاولة بلورة النظام الإسلامي في صورة مشروع نظام - على الورق - أو صورة تشريعات مفصلة - على الورق أيضا - تواجه ما عليه أهل الجاهلية الحاضرة من أوضاع لا علاقة لها بالإسلام (لأن أهل هذه الجاهلية يقولون: إن الإسلام عقيدة ولا علاقة له بالنظام العام الواقعي للحياة!) وتنظم لهم هذه الأوضاع بينما هم باقون على جاهليتهم يتحاكمون إلى الطاغوت ، ولا يحكمون أو يتحاكمون إلى شريعة اللّه .. وكلها محاولات ذليلة ، لا يجوز للمسلم أن يحاولها استجابة لأزياء التفكير البشري المتقلبة ، التي لا تثبت على حال. باسم تطور وسائل الدعوة إلى اللّه!

وأذل من هذه المحاولة محاولة من يضعون على الإسلام أقنعة أخرى ، ويصفونه بصفات من التي تروج عند الناس في فترة من الفترات .. كالاشتراكية .. والديمقراطية .. وما إليها .. ظانين أنهم إنما يخدمون الإسلام بهذه التقدمة الذليلة! .. إن «الاشتراكية» مذهب اجتماعي اقتصادي من صنع البشر قابل للصواب والخطأ.

وإن «الديمقراطية» نظام للحياة أو للحكم من صنع البشر كذلك ، يحمل صنع البشر من القابلية للصواب والخطأ أيضا .. والإسلام منهج حياة يشمل التصور الاعتقادي ، والنظام الاجتماعي الاقتصادي ، والنظام التنفيذي والتشكيلي .. وهو من صنع اللّه المبرأ من النقص والعيب .. فأين يقف من الإسلام من يريد أن يستشفع لمنهج اللّه - سبحانه - عند البشر بوصفه بصفة من أعمال البشر؟ بل أين يقف من الإسلام من يريد أن يستشفع للّه - سبحانه - عند العبيد بقول من أقوال هؤلاء العبيد؟! ..

لقد كان كل شرك المشركين في الجاهلية العربية أنهم يستشفعون عند اللّه ببعض خلقه .. يتخذونهم أولياء: «وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى ...» فهذا هو الشرك! فما الوصف الذي يطلق إذن على الذين لا يستشفعون لأنفسهم عند اللّه بأولياء من عبيده ، ولكنهم - ويا للنكر والبشاعة! - يستشفعون للّه - سبحانه - عند العبيد بمذهب أو منهج من مذاهب العبيد ومناهجهم؟! إن الإسلام هو الإسلام. والاشتراكية هي الاشتراكية. والديمقراطية هي الديمقراطية .. ذلك منهج اللّه ولا عنوان له ولا صفة إلا العنوان الذي جعله اللّه له ، والصفة التي وصفه بها .. وهذه وتلك من مناهج البشر.

ومن تجارب البشر .. وإذا اختاروها فليختاروها على هذا الأساس .. ولا ينبغي لصاحب الدعوة إلى دين اللّه ، أن يستجيب لإغراء الزي الرائج من أزياء الهوى البشري المتقلب. وهو يحسب أنه يحسن إلى دين

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام