فهرس الكتاب
الصفحة 271 من 491

اللّه من عدالة في التوزيع ، ومن تكافل بين الجميع ويستقر معه في قلب الآخذ والمأخوذ منه أنه ينفذ نظاما يرضاه اللّه ويرجو على الطاعة فيه الخير والحسنى في الدنيا والآخرة سواء. فلا تمتلئ قلوب بالطمع ، ولا تمتلئ قلوب بالحقد ولا تسير الأمور كلها بالسيف والعصا وبالتخويف والإرهاب! ولا تفسد القلوب كلها وتختنق الأرواح كما يقع في الأوضاع التي نراها قد قامت على غير: «لا إله إلا الله» ..

وبعث رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - والمستوي الأخلاقي في الجزيرة العربية في الدرك الأسفل في جوانب منه شتى - إلى جانب ما كان في المجتمع من فضائل الخامة البدوية.

كان التظالم فاشيا في المجتمع ، تعبر عنه حكمة الشاعر: زهير بن أبي سلمى:

ومن لم يذد عن حوضه بسلاحه يهدم ، ومن لا يظلم الناس يظلم

ويعبر عنه القول المتعارف: «انصر أخاك ظالما أو مظلوما» .

وكانت الخمر والميسر من تقاليد المجتمع الفاشية ومن مفاخره كذلك! يعبر عن هذه الخصلة الشعر الجاهلي بجملته .. كالذي يقوله طرفة بن العبد:

فلولا ثلاث هن من زينة الفتى وجدك لم أحفل متى قام عوّدي

فمنهن سبقي العاذلات بشربة كميت متى ما تعل بالماء تزبد!

... إلخ وكانت الدعارة - في صور شتى - من معالم هذا المجتمع .. كالذي روته عائشة رضي اللّه عنها: «إن النكاح في الجاهلية كان على أربعة أنحاء: فنكاح منها نكاح الناس اليوم: يخطب الرجل إلى الرجل وليته أو بنته ، فيصدقها ثم ينكحها .. والنكاح الآخر كان الرجل يقول لامرأته - إذا طهرت من طمثها - أرسلي إلى فلان فاستبضعي منه. ويعتزلها زوجها ولا يمسها أبدا حتى يتبين حملها من ذلك الرجل الذي تستبضع منه. فإذا تبين حملها أصابها زوجها إذا أحب. وإنما يفعل ذلك رغبة في نجابة الولد! فكان هذا النكاح نكاح الاستبضاع .. ونكاح آخر: يجتمع الرهط ما دون العشرة فيدخلون على المرأة ، كلهم يصيبها. فإذا حملت ووضعت ، ومر عليها ليال ، بعد أن تضع حملها ، أرسلت إليهم ، فلم يستطع رجل منهم أن يمتنع ، حتى يجتمعوا عندها ، تقول لهم: قد عرفتم الذي كان من أمركم ، وقد ولدت ، فهو ابنك يا فلان ، تسمي من أحبت باسمه فيلحق به ولدها ، ولا يستطيع أن يمتنع به الرجل. والنكاح الرابع يجتمع الناس الكثير فيدخلون على المرأة لا تمتنع ممن جاءها - وهن البغايا كن ينصبن على أبوابهن الرايات تكون علما ، فمن أرادهن دخل عليهن - فإذا حملت إحداهن ووضعت حملها ، جمعوا لها ودعوا القافة ، ثم ألحقوا ولدها بالذي يرون فالتاطه ، ودعي ابنه لا يمتنع من ذلك» ... (أخرجه البخاري في كتاب النكاح) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام