فهرس الكتاب
الصفحة 260 من 491

والمنهج الإسلامي - بعرضه لهذه الظاهرة في المجتمع الإسرائيلي - في صورة الكراهية والتنديد ، يريد للجماعة المسلمة أن يكون لها كيان حي متجمع صلب يدفع كل بادرة من بوادر العدوان والمعصية. قبل أن تصبح ظاهرة عامة ويريد للمجتمع الإسلامي أن يكون صلبا في الحق ، وحساسا تجاه الاعتداء عليه ويريد للقائمين على الدين أن يؤدوا أمانتهم التي استحفظوا عليها ، فيقفوا في وجه الشر والفساد والطغيان والاعتداء .. ولا يخافوا لومة لائم. سواء جاء هذا الشر من الحكام المتسلطين بالحكم أو الأغنياء المتسلطين بالمال أو الأشرار المتسلطين بالأذي أو الجماهير المتسلطة بالهوى. فمنهج اللّه هو منهج اللّه ، والخارجون عليه علوا أم سفلوا سواء.

والإسلام يشدد في الوفاء بهذه الأمانة فيجعل عقوبة الجماعة عامة بما يقع فيها من شر إذا هي سكتت عليه ويجعل الأمانة في عنق كل فرد ، بعد أن يضعها في عنق الجماعة عامة.

روى الإمام أحمد - بإسناده - عن عبد اللّه بن مسعود ، قال: قال رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم -:«لما وقعت بنو إسرائيل في المعاصي نهتهم علماؤهم فلم ينتهوا فجالسوهم في مجالسهم ، وواكلوهم وشاربوهم.

فضرب اللّه بعضهم ببعض ، ولعنهم على لسان داود وعيسى بن مريم .. (ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون) .

وكان الرسول - صلى اللّه عليه وسلم - متكئا فجلس ، فقال: «ولا والذي نفسي بيده حتى تأطروهم على الحق أطرا» .

وروى أبو داود - بإسناده - عن عبد اللّه بن مسعود قال: قال رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - «إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل كان الرجل يلقى الرجل ، فيقول: يا هذا اتق اللّه ودع ما تصنع فإنه لا يحل لك. ثم يلقاه من الغد ، فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده. فلما فعلوا ذلك ضرب اللّه قلوب بعضهم ببعض» ، ثم قال: «لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم» - إلى قوله: «فاسقون» ثم قال: «كلا واللّه لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ، ولتأخذن على يد الظالم ، ولتأطرنه على الحق أطرا - أو تقصرنه على الحق قصرا - » فليس هو مجرد الأمر والنهي ، ثم تنتهي المسألة ، إنما هو الإصرار ، والمقاطعة ، والكف بالقوة عن الشر والفساد والمعصية والاعتداء.

وروى مسلم - بإسناده - عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه .. وذلك أضعف الإيمان» .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام