فإذا سكرت فإنني رب الخورنق والسدير
وإذا صحوت فإنني رب الشويهة والبعير
وغير هذا كثير في الشعر الجاهلي ...
ورواية الحوادث التي صاحبت مراحل تحريم الخمر في المجتمع المسلم ، والرجال الذين كانوا أبطال هذه الحوادث .. وفيهم عمر ، وعلي ، وحمزة ، وعبد الرحمن بن عوف .. وأمثال هذا الطراز من الرجال ..
تشي بمدى تغلغل هذه الظاهرة في الجاهلية العربية. وتكفي عن الوصف المطول المفصل:
يقول عمر رضي اللّه عنه في قصة إسلامه .. في رواية .. «كنت صاحب خمر في الجاهلية. فقلت لو أذهب إلى فلان الخمار فأشرب ...»
وظل عمر يشرب الخمر في الإسلام. حتى إذا نزلت آية: «يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ. قُلْ: فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ ، وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما» .. قال: «اللهم بيّن لنا بيانا شافيا في الخمر» .. واستمر ..حتى إذا نزلت هذه الآية: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ» ..قال: اللهم بيّن لنا بيانا شافيا في الخمر! حتى إذا نزلت آية التحريم الصريحة: «إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ، وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ» .. قال: انتهينا انتهينا! وانتهى ..
وفي سبب نزول هذه الآية: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى » ترد روايتان يشترك في أحداثهما علي وعبد الرحمن بن عوف من المهاجرين. وسعد بن معاذ من الأنصار.
روى ابن أبي حاتم: حدثنا يونس بن حبيب ، حدثنا أبو داود - بإسناده - عن مصعب بن سعد يحدث عن سعد قال: «نزلت في أربع آيات. صنع رجل من الأنصار طعاما فدعا أناسا من المهاجرين وأناسا من الأنصار. فأكلنا وشربنا ، حتى سكرنا ، ثم افتخرنا ، فرفع رجل لحي بعير (عظم الفك) فغرز بها أنف سعد.
فكان سعد مغروز الأنف. وذلك قبل تحريم الخمر. فنزلت «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى » .. والحديث بطوله عند مسلم من رواية شعبة.
وروى ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن عمار. حدثنا عبد الرحمن بن عبد اللّه الدشتكي أبو جعفر. عن عطاء بن السائب ، عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: «صنع لنا عبد الرحمن بن عوف طعاما ، فدعانا ، وسقانا من الخمر ، فأخذت الخمر منا ، وخضرت الصلاة ، فقدموا فلانا قال: فقرأ: قل يا أيها الكافرون.