فهرس الكتاب
الصفحة 146 من 491

القوامة في هذه المؤسسة للرجل ويذكر من أسباب هذه القوامة: تفضيل اللّه للرجل بمقومات القوامة ، وما تتطلبه من خصائص ودربة ، و.. تكليف الرجل الإنفاق على المؤسسة. وبناء على إعطاء القوامة للرجل ، يحدد كذلك اختصاصات هذه القوامة في صيانة المؤسسة من التفسخ وحمايتها من النزوات العارضة وطريقة علاج هذه النزوات - حين تعرض - في حدود مرسومة - وأخيرا يبين الإجراءات - الخارجية - التي تتخذ عند ما تفشل الإجراءات الداخلية ، ويلوح شبح الخطر على المؤسسة ، التي لا تضم شطري النفس الواحدة فحسب ، ولكن تضم الفراخ الخضر ، الناشئة في المحضن. المعرضة للبوار والدمار. فلننظر فيما وراء كل إجراء من هذه الإجراءات من ضرورة ، ومن حكمة ، بقدر ما نستطيع:

«الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ. بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَبِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ» ..

إن الأسرة - كما قلنا - هي المؤسسة الأولى في الحياة الإنسانية. الأولى من ناحية أنها نقطة البدء التي تؤثر في كل مراحل الطريق. والأولى من ناحية الأهمية لأنها تزاول إنشاء وتنشئة العنصر الإنساني ، وهو أكرم عناصر هذا الكون ، في التصور الإسلامي. وإذا كانت المؤسسات الأخرى الأقل شأنا ، والأرخص سعرا: كالمؤسسات المالية والصناعية والتجارية ...

وما إليها ... لا يوكل أمرها - عادة - إلا لأكفأ المرشحين لها ممن تخصصوا في هذا الفرع علميا ، ودربوا عليه عمليا ، فوق ما وهبوا من استعدادات طبيعية للإدارة والقوامة ...

إذا كان هذا هو الشأن في المؤسسات الأقل شأنا والأرخص سعرا .. فأولى أن تتبع هذه القاعدة في مؤسسة الأسرة ، التي تنشئ أثمن عناصر الكون .. العنصر الإنساني ..

والمنهج الرباني يراعي هذا. ويراعي به الفطرة ، والاستعدادات الموهوبة لشطري النفس لأداء الوظائف المنوطة بكل منهما وفق هذه الاستعدادات ، كما يراعي به العدالة في توزيع الأعباء على شطري النفس الواحدة.

والعدالة في اختصاص كل منهما بنوع الأعباء المهيأ لها ، المعان عليها من فطرته واستعداداته المتميزة المتفردة ..

والمسلم به ابتداء أن الرجل والمرأة كلاهما من خلق اللّه. وأن اللّه - سبحانه - لا يريد أن يظلم أحدا من خلقه ، وهو يهيئه ويعده لوظيفة خاصة ، ويمنحه الاستعدادات اللازمة لإحسان هذه الوظيفة! وقد خلق اللّه الناس ذكرا وأنثى .. زوجين على أساس القاعدة الكلية في بناء هذا الكون .. وجعل من وظائف المرأة أن تحمل وتضع وترضع وتكفل ثمرة الاتصال بينها وبين الرجل .. وهي وظائف ضخمة أولا وخطيرة ثانيا. وليست هينة ولا يسيرة ، بحيث تؤدّى بدون إعداد عضوي ونفسي وعقلي عميق غائر في كيان الأنثى! فكان عدلا كذلك أن ينوط بالشطر الثاني - الرجل - توفير الحاجات الضرورية. وتوفير

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام