فهرس الكتاب
الصفحة 102 من 491

من اختلاف الجنس.فكلهم سواء في الإنسانية - بعضهم من بعض - وكلهم سواء في الميزان ..

ثم تفصيل للعمل ، تتبين منه تكاليف هذه العقيدة في النفس والمال كما تتبين منه طبيعة المنهج ، وطبيعة الأرض التي يقوم عليها ، وطبيعة الطريق وما فيه من عوائق وأشواك ، وضرورة مغالبة العوائق ، وتكسير الأشواك ، وتمهيد التربة للنبتة الطيبة ، والتمكين لها في الأرض ، أيا كانت التضحيات ، وأيا كانت العقبات: «فَالَّذِينَ هاجَرُوا ، وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ ، وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي ، وَقاتَلُوا وَقُتِلُوا. لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ ، وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ. ثَواباً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ، وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ» .

وقد كانت هذه صورة الداعين المخاطبين بهذا القرآن أول مرة. الذين هاجروا من مكة ، وأخرجوا من ديارهم ، في سبيل العقيدة ، وأوذوا في سبيل اللّه لا في أي غاية سواه ، وقاتلوا وقتلوا .. ولكنها صورة أصحاب هذه العقيدة في صميمها .. في كل أرض وفي كل زمان .. صورتها وهي تنشأ في الجاهلية - أية جاهلية - في الأرض المعادية لها - أية أرض - وبين القوم المعادين - أي قوم - فتضيق بها الصدور ، وتتأذى بها الأطماع والشهوات ، وتتعرض للأذى والمطاردة ، وأصحابها - في أول الأمر - قلة مستضعفة .. ثم تنمو النبتة الطيبة - كما لا بد أن تنمو - على الرغم من الأذى ، وعلى الرغم من المطاردة ، ثم تملك الصمود والمقاومة والدفاع عن نفسها. فيكون القتال ، ويكون القتل .. وعلى هذا الجهد الشاق المرير يكون تكفير السيئات ، ويكون الجزاء ويكون الثواب.

هذا هو الطريق .. طريق هذا المنهج الرباني ، الذي قدر اللّه أن يكون تحققه في واقع الحياة بالجهد البشري ، وعن طريق هذا الجهد ، وبالقدر الذي يبذله المؤمنون المجاهدون في سبيل اللّه. ابتغاء وجه اللّه.

وهذه هي طبيعة هذا المنهج ، ومقوماته ، وتكاليفه .. ثم هذه هي طريقة المنهج في التربية ، وطريقته في التوجيه ، للانتقال من مرحلة التأثر الوجداني بالتفكر والتدبر في خلق اللّه إلى مرحلة العمل الإيجابي وفق هذا التأثر تحقيقا للمنهج الذي أراده اللّه .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام